تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رمضانيات (7، 8، 9)]

ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[24 Oct 2004, 02:26 ص]ـ

رمضان وتأسيس التنوير الإسلامي - د. محمد عمارة *

7

في القرآن الكريم، يأتي تعريف شهر رمضان بأنه (الذي أنزل فيه القرآن) .. وليس بأنه "شهر الصيام" .. بل إن السبب في اختيار هذا الشهر ـ وهو ليس من الأشهر الحرم ـ ليكون ميقاتا لهذا الركن من أركان الإسلام ـ فريضة الصيام ـ هو نزول القرآن الكريم فيه .. فكأنه الاحتفال الديني ـ الجماعي ـ باللحظة التي نزل فيها الروح الأمين ـ جبريل عليه السلام ـ على قلب نبي الإسلام ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ببواكير الوحي والتنزيل (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم.)

وإذا كان الوحي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد تمثل في "النور .. والصوت" .. "لقد رأيت نورا، وسمعت صوتا .. " فلقد كان هذا "النور" هو حامل القرآن الكريم، رسالة السماء إلى الأرض، وجماع الدين والدنيا، وديوان العقيدة والشريعة والقيم والأخلاق والأمة والدولة والحضارة، الذي أتم الله به دينه الواحد، واكتملت فيه مكارم الأخلاق .. (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون). ولقد كان انبثاق "النور ـ الملائكي" بهذا "النور ـ القرآني" في الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم .. ليلة القدر والشرف والعظمة .. وفي لحظة مطلع الفجر منها على وجه التحديد (حم. والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك، إنه هو السميع العليم) بل لقد أفرد القرآن الكريم لميقات هذا الميلاد .. ميلاد النور القرآني، في هذه الليلة من شهر رمضان، سورة تحدثت عن قدرها وشرفها وعظمتها ـ بل وحملت اسم هذا القدر وهذه العظمة ـ (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ماليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر).

* نور من الله:

وإذا كان الله، سبحانه وتعالى، بنص القرآن الكريم، هو (نور السموات والأرض). وإذا كان هذا التنزيل ـ الذي بدأ نزوله في رمضان ـ هو أيضا نور من الله (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا، والله بما تعملون خبير) (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا).

إذا كان الرسول، الذي أوحي إليه هذا النور، قد غدا ـ بتلقي هذا النور ـ نورا (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) ..

إذا كان "النور" الملائكي، قد حمل "النور" القرآني، إلى الرسول، الذي غدا ـ لذلك ـ "نورا وسراجا منيرا" .. فإن هذه الثمرة التي تمثلت في الوحي والنبوة والرسالة قد تجسدت في هذا الدين ـ الإسلام ـ الذي أصبح ـ كذلك .. ولذلك ـ "نورا وتنويرا" .. نورا يهدي به الله من اتبع رضوانه، وتنويرا إلهيا لكل من يستنير بنوره، فيخرج من الظلمات إلى النور: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها، والله سميع عليم. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، والله لايهدي القوم الظالمين. أو كالذي مر على قرية وهي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير