تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[احفظ الله يحفظك]

ـ[إمداد]ــــــــ[08 Jul 2004, 10:40 م]ـ

أحفظ الله يحفظك

عن أبي العباس عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7957).

فهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين، حتى قال بعض العلماء: تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أطيش. وقال بعض السلف: إذا أردت أن توصي صاحبك أو أخاك أو أبنك فقل له: أحفظ الله يحفظك. وقال سليمان بن داود عليهما السلام: تعلمنا مما تعلم الناس ومما لم يتعلم الناس فما وجدنا كحفظ الله في السر والعلن.فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه.

* قوله صلي الله عليه وسلم "أحفظ الله يحفظك" أي: أحفظ حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه، وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال وعند نواهيه بالاجتناب وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به وأذن فيه إلي ما نهي عنه وحّذر منه؛ فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله الذين مدحهم الله في كتابه، وقال تعالي:" هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ؛ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ" ففسر الحفيظ في الآية بالحافظ لأوامر الله، ومن أعظم ما يجب حفظه من أوامر الله الصلاة، وقد أمر الله بالمحافظة عليها فقال:"حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى" ومدح المحافظين عليها بقوله:" وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ". وكذلك الطهارة فإنها مفتاح الصلاة، قال النبي صلي الله عليه وسلم:"وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِن ٌ"صحيح رقم (952) في صحيح الجامع. ومما يُؤمّر بحفظه الأيّمان، قال الله عز وجل:" وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ " والأيّمان: هو ما سبق اللسان من غير قصد كقول الإنسان: لا والله، وبلي والله. فإن الأيّمان يقع الناس فيها كثيراً ويُهمل كثيرٌ منهم ما يجب حفظه فلا يحفظه ولا يلتزمه. ومن الأشياء المأمورين بحفظها الرأس والبطن كما في الحديث الذي حسنه شيخنا الألباني برقم (935) في السلسلة الصحيحة أنه صلي الله عليه وسلم قال: "فليحفظ الرأس وما وعي وليحفظ البطن وما حوى" وحفظ الرأس وما وعي يدخل فيه حفظ السمع والبصر واللسان من المحرمات قال تعالي:"إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " وحفظ البطن وما حوى يتضمن حفظ القلب عن الإصرار علي ما حرم الله، ويتضمن أيضا حفظ البطن من إدخال الحرام إليها من المآكل والمشارب. ومن أعظم ما يجب حفظه من نواهي الله عز وجل اللسان والفرج؛ فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه صلي الله عليه وسلم قال:" من حفظ ما بين لحييه (اللسان) ورجليه (الفرج) دخل الجنة" صحيح أنظر صحيح الجامع برقم (140). والأمثلة علي ذلك كثيرة.

* وقوله صلي الله عليه وسلم "يحفظك" أي من حفظ حدوده وراعي حقوقه حفظه الله فإن الجزاء من جنس العمل، وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان: أحدهما حفظه له في مصالح دنياه كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله؛ قال عمر بن عبد العزيز:" ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه"، وقال ابن المنكدر:" إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدّويّرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر". ومتي كان العبد مشتغلا بطاعة الله فإن الله يحفظه في تلك الحال؛ قال بعض السلف: من أتقي الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيّع تقواه فقد ضيّع نفسه والله غني عنه. قال بعض السلف:" إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودآبتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير