تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قال أحد الطلاب لزميله: لم يزد الشيخ على ما في الشرح!]

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[21 Sep 2004, 10:43 م]ـ

الحمد لله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على محمد خير بشير ونذير أما بعد:

فهذه حكاية قرأتها في ترجمة العالم الحنبلي محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الأحسائي (1) في كتاب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة في 3/ 928: هذا نصها:

وكان شخص من أقاربه يقرأ عليه [مع] (2) رفقة له في " قواعد الإعراب " فلما خرج قال لبعض الطلبة: لم يزدنا الشيخ على ما في الشرح، فنُقِلتْ (3) هذه الكلمة إلى الشيخ، فلما كان من الغد، وحضر الطلبة، قال الشيخ لذلك الشخص: اقرأ الدرس الماضي، فقرأه، وشرع الشيخ في التقرير في أبلغ عبارة، وأوسع نقل إلى الضحوة، ثم قال لذلك التلميذ: ما فَهِمْتَ من هذا؟

فقال: لم أفهم شيئا منه، فقال: لهذا لم أزدك على ما في الشرح. (4) اهـ.

هذه المسألة "التدرج في التعليم"، وإعطاء الطلاب ما يدركون، وترك التعمق فيما لا يفهمونه، وتقسيمهم طبقات، منهج معروف في ذاك الزمان، وقبله، وبعده، أما الآن فقل، أو انعدم من يفعله، وهذا يُحدث خللا كبيرا في التلقي، فالطالب المبتدئ الذي يحضر درسا، ثم يجد الشيخ يتوسع بكل ما آتاه الله من قدرة سيخرج كما خرج هذا: لم يفهم شيئا.

كما أن الطالب الفطن المتقدم في الطلب إذا حضر درسا للشيخ لم يزد فيه الشيخ شيئا على معلومه، سيفتر، أو يقف عن الحضور، لأنه لم يجد أهم ما جاء من أجله.

والتعليم فن يحتاج إلى إتقان، وبعد نظر

فكم رأيتم مَن بدأ بكتاب مختصر في أحد الفنون كالعمدة في الفقه، مثلا للمبتدئين فطول العبارة، وتوسع في ذكر الفروع، والخلاف، والكلام على علل الأدلة .. الخ، فصار الكتاب أوسع من المغني، والمجموع، وهو درس للمبتدئين!

وكمن شرح النخبة فزاد في بعض مباحثه على فتح المغيث .. والضحية مَن خرج، ولم يفهم، بل ربما ترك طلب العلم مطلقا.

فهلا طبق ذلك المشايخ، وطلبة العلم؟

والعجيب أنك دائما تسمع الوصية للطلبة بالتدرج، ثم يقل أن تجد من يطبق.

ومن صور الفوضى في ذلك أن يَترك الشيخ للطالب اختيار الكتاب الذي يريده، فيجهز الطالب على كتاب كبير ليس منه بسبيل، أو علم هو فيه دخيل.

وعكسها أن ينظر الشيخ لمصلحته هو، فيأمر الطالب أن يقرأ عليه في كتاب يريده هو، فينظر مصلحته، وينسى ما ينفع التلميذ المسكين، وهذا فيه نوع غش لهذا الطالب المسكين فليس من النصح للمسلمين ـ وقد وقفت على شيء من ذلك ـ.

هذه خواطر كانت تجول في الذهن من زمن مررت بهذه القصة، فكانت مناسبة لها.

والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله، وبركاته.


(1) هذا الرجل من المتعصبين ضد دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ نعوذ بالله ـ كما في ترجمته هناك.
(2) في المطبوع: من، وأظن الصواب ما أثبت.
(3) هذه نميمة قبيحة، وكان الأولى بهذا الناقل أن لا يسمي من نقل بل يذكر الكلام على الإبهام.
(4) يبدو أن هذا الشيخ حريص على هذا الذي ذكرت ففي ترجمته أنه قال عند موته لتلميذه: في صدري أربعة عشر علما لم أسأل عن مسألة منها قبلك. 3/ 928.

ـ[محب البغوي]ــــــــ[23 Sep 2004, 02:22 ص]ـ
حرصاً على الاختصار لا أزيد إلا بالثناء على أصل الخاطرة وينبغى على طالب العلم اذا تصدر للتدريس أن يعلم بأن ماسيعلمه اقل مما تعلمه فلا يمكن للمرء أن يدرس كتابا إلا وقد اطلع على ماهو اوسع من هذا الكتاب .. ورحم الله من عرف قدر نفسه وجلس دونه .. قال تعالى ((كونوا ربانيين .. )) قال ابن عباس رضي الله عنه أي: علماء حكماء. وفي رواية: الرباني هو الذي يعلم الناس صغار العلم قبل كباره .. ولهذا أهل العلم في جميع العلوم جعلوا كتبا مختلفة في العلم الواحد فمثلاً ابن قدامه ـ حامل لواء فقه السادة الحنابلة ـ ألف العمدة للمبتدئين وفوقه المقنع وفوقه الكافي وفوقه الكافي وفوقه المغني .. ومثله ابن هشام الانصاري النحوي الف في النحو: قطر الندى للمبتدئين وفوقه شذور الذهب وفوقه اعراب الجمل وما يلحق بها وفوقه اوضح المسالك وفوقه مغني اللبيب عن كتب الأعاريب .. وغيرهم كثير والواجب على من تصدى للتدريس أن يعلم أن الطالب _ المتلقي_ هو محور العملية التعليمية
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير