[مع أعظم إنسان (رمضانيات 18)]
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[02 Nov 2004, 02:44 ص]ـ
4 - ضمضم الغفاري يستنجد قريشا لأبي سفيان
قال [العباس] فغدوت في اليوم الثلاث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به وكان رجلا خفيفا جديد الوجه حديد اللسان حديد النظر قال إذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال فقلت في نفسي ما له لعنه الله أكل هذا فرق مني أن أشاتمه قال وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قيمصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث قال فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر.
5 - قريش تتجهز للخروج
فتجهز [وا] سراعا وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وأوعبت قريش فلما يتخلف من اشرافها أحد ... إلا أن ابا لهب بن عبد المطلب تخلف وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على ان يجزىء عنه بعثه فخرج عنه وتخلف أبو لهب.
6 - أمية بن خلف يحاول التخلف
قال ابن اسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن أمية بن خلف كان أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا فأتاه عقبة بن ابي معيط وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا أبا علي استجمر فإنما أنت من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز فخرج مع الناس.
7 - ما وقع بين قريش وكنانة من الحرب قبل بدر
قال ابن اسحاق ولما فرغوا من جهازهم واجمعوا المسير ذكروا ما كان بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فقالوا إنا نخشى أنا يأتونا من خلفنا وكانت الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر كما حدثني بعض بني عامر بن لؤي عن محمد بن سعيد بن المسيب في ابن لحفص بن الأخيف أحد بني معيص بن عامر بن لؤي خرج يبتغي ضالة له بضجنان وهو غلام حدث في رأسه ذؤابة وعليه حلة له وكان غلاما وضيئا نظيفا فمر بعامر بن يزيد بن عامر بن الملوح أحد بني يعمر بن عوف ابن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو بضجنان وهو سيد بني بكر يؤمئذ فرآه فأعجبه فقال من أنت يا غلام قال انا ابن لحفص بن الأخيف القرشي فلما ولى الغلام قال عامر بن زيد يا بني بكر ولكم في قريش من دم قالوا بلى والله إن لنا فيهم لدماء قال ما كان رجل ليقتل هذا الغلام برجله إلا كان قد استوفى دمه قال فتبعه رجل من بني بكر فقتله بدم كان له في قريش فتكلمت فيه قريش فقال عامر عمر بن يزيد يا معشر قريش قد كانت لنا قبلكم دماء فما شئتم إن شئتم فأدوا علينا ما لنا قبلكم ونؤدي ما لكم قبلنا وإن شئتم فإنما هي الدماء رجل برجل فتجافوا عما لكم قبلنا ونتجافى عما لنا قبلكم فهان ذلك الغلام على هذا الحي من قريش وقالوا صدق رجل برجل فلهوا عنه فلم يطلبوا به قتل مكرز عامر بن الملوح قال فبينما اخوه مكرز بن حفص بن الأخيف يسير بمر الظهران إذ نظر الى عامر بن يزيد ابن الملوح على جمل له فلما رآه أقبل إليه حتى أناخ به وعامر متوشح سيفه فعلاه مكرز بسيفه حتى قتله ثم خاض بطنه بسيفه ثم أتى به مكة قعلقه من الليل بأستار الكعبة فلما اصبحت قريش رأوا سيف عامر بن يزيد بن عامر معلقا بأستار الكعبة فعرفوه فقالوا إن هذا لسيف عامر بن يزيد عدا عليه مكرز بن حفص فقتله فكان ذلك من أمرهم فبينما هم في ذلك من حربهم حجز الإسلام بين الناس فتشاغلوا به حتى أجمعت قريش المسير الى بدر فذكروا الذي بينهم وبين بني بكر فخافوهم.
8 - ما قاله مكرز شعرا في قتله عامرا
وقال مكرز بن حفص في قتله عامرا:
لما رأيت انه هو عامر تذكرت أشلاء الحبيب الملحب وقلت لنفسي إنه هو عامر فلا ترهبيه وانظري أي مركب وأيقنت أني إن أجلله ضربة متى ماأصبه بالفرافر يعطب خفضت له جأشي وألقيت كلكلي
على بطل شاكي السلاح مجرب
ولم أك لما التف روعي وروعه
عصارة هجن من نساء ولا أب
حللت به وتري ولم أنس ذحله
إذا ما تناسى ذحله كل عيهب
قال ابن هشام الفرار في غير هذا الموضع الرجل الأضبط وفي هذا الموضع السيف والعيهب الذي لا عقل له ويقال لتيس الظباء وفحل النعام العيهب قال الخليل العيهب الرجل الضعيف عن إدراك وتره قال ابن اسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي كان بينها وبين بني بكر فكاد ذلك يثنيهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم أنا ا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه فخرجوا سراعا.
[دروس من المقاطع السابقة]
[1 - في رؤيا عاتقة عبر، منها خطورة تبادل السر، فإنه سرعان ما يفشو وينتشر.
2 - الجزاء من جنس العمل، لقد قتل عامر قصاصا من المولى الأجلّ، لتحريضه على غلام حفص بن يزيد، فالله يفعل ما يريد. فسبحان الحكم العدل القدير، القوي العزيز اللطيف الخبير.
3 - عقبة بن أبي معيط؛هذا الرجل العبيط، يتقد حماسا وتفانيا من أجل الباطل، ويستخدم الوسائل والأساليب المؤثرة ليكثر سواد الكفر العاطل، فباليت شعري هل يعي هذا أهل الحق، فيتفانوا من أجل الحق! وتعجب من أميه، كيف أخذته الحميه، وتأثر بأسلوب عقبه، وسابق ألمنيه.]