[زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -]
ـ[ابن العربي]ــــــــ[02 Jul 2004, 08:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
سئل أحمد بن تيمية رحمه الله عمن زار القبور ويستنجد بالمقبور في مرض به أو بفرسه أو بعيره يطلب إزالة المرض الذي بهم ويقول يا سيدي أنا جيرتك أنا حسبك فلان ظلمني فلان قصد أذيتي ويقول إن المقبور يكون واسطة بينه وبين اللع تعالى وفيمن ينذر للمساجد والزوايا والمشايخ حيهم وميتهم بالدراهم والإبل والغنم والشمع والزيت وغير ذلك يقول إن سلم ولدي فالشيخ علي كذا وكذا وأمثال ذلك وفيمن يستغيث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذاك الواقع؟ وفيمن يجيء إلى شيخه ويستلم القبر ويمرغ وجهه عليه ويمسح القبر بيديه ويمسح بهما وجهه وأمثال ذلك؟ وفيمن يقصده بحاجته ويقول: يافلان ببركتك أو يقول قضيت حاجتي ببركة الله وبركة الشيخ؟ وفيمن يعمل السماع ويجيء إلى القبر فيكشف ويحط وجهه بين يدي شيخه على الأرض ساجداً وفيمن قال إن ثم قطباً غوثاً جامعاً في الوجود؟
أقتونا مأجورين وابسطوا القول في ذلك.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين الدين الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه هو عبادة الله وحده لا شريك له واستعانته والتوكل عليه ودعاؤه لجلب المنافع ودفع المضار كما قال تعالى:" تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون "
يقول تعالى " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً " وقال تعالى:" قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين " وقال تعالى: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً "
قالت طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيراً والملائكة قال الله تعالى: هؤلاء الذين تدعونهم عبادي كما أنتم عبادي ويرجون رجمتي كما ترجون رحمتي ويخافون عذابي كما تخافون عذابي ويتقربون إلي كما تتقربون إلي فإذا كان هذا حال من يدعو الأنبياء والملائكة فكيف بمن دونهم؟
وقال تعالى:" أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا "
وقال تعالى:" قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ".
فبين سبحانه أن من دعي من دون الله من جميع المخلوقات من الملائكة والبشر وغيرهم أنهم لا يملكون مثقال ذرة في ملكه وأنه ليس له شريك في ملكه بل هو سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأنه ليس له عون يعاونه كما يكون للملك أعوان وظهراء وأن الشفعاء عنده لا يشفعون إلا لمن ارتضى فنفى بذلك وجوه الشرك.
وذلك أن من يدعون من دونه إما أن يكون مالكاً وإما أن لا يكون مالكاً وإذا لم يكن مالكاً فإما أن يكون شريكاً وإما أن لا يكون شريكاً وإذا لم يكن شريكاً فإما أن يكون معاوناً وإما أن يكون سائلاً طالباً فالأقسام الأول الثلاثة وهي:
- الملك، والشركة، والمعاونة، منتفية وأما الرابع فلا يكون إلا من بعد إذنه
كما قال تعالى:" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " وكما قال تعالى:" وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى "
وقال تعالى:" أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعاً له ملل السموات والأرض "
وقال تعالى:" الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون "
وقال تعالى:" ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ".
¥