[الفرق بين الشرح والتفصيل]
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[26 Jan 2004, 09:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلموا علمكم الله المشكلات، أنه ليس حتما أن يكون كل مايكتب في هذا الملتقى مثيرا للنقاش , بقدر مايكون اثراء للساحة بفائدة علمية أو دراسة جادة أو سؤلا يجلب علما للسائل والمجيب. ولا أعني بقولي هذا أن لاينبه على خطأ أو يحذر من زلل أو يستدرك مستدرك، وعندي أن مثل هذا الملتقى هو للمذاكرة ونشر العلم أكثر منه للدرس والتحصيل، وهذه منقبة لامنقصه، ذلك أن المذاكرة تلقيح للفهوم (وأين لك بمذاكرة الانفاس) ولمذاكرة ساعة أحب الي من قراءة ساعات وساعات. وتأمل لوكانت هذه الوسائل بين يدي المتقدمين من العلماء امثال شيخ الاسلام وابن القيم وابن كثير وابن العربي وابن حزم وابن الجوزي ـ هل سيكون محتاجا الى براية اقلامه ـ وغيرهم رحمهم الله جميعا. لقد كان الواحد منهم يخاطب الدنيا. وتسمع له من اقصاها الى ادناها، وهو في زاوية من بغداد أو الكوفة او حران أو دمشق او بلنسية او (إغرناطة) أوغيرها. وقد كانوا احق بقول ابي الطيب في مدحه نفسه وأبياته التي كانت تسير مسير الشمس:
أنا الذي نظر الاعمى الى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهر الخلق جراها ويختصم
وإني على يقين من أن المشارك هو المستفيد والمتعلم قبل أن يعلم، ولولا طول إيضاح المقصود بهذه العبارة لبينت ماوراء الاكمه، لكن يراجع جـ/1 من مفتاح دار السعاده لابن القيم رحمه الله ففيه ماليس في غيره.
المقصود أن لايبخل أحد على نفسه في إغتنام الاجر بمشاركة نافعة ولو بسيطة، فالعبره في مثل هذا بالكيف لا بالكم، مع حاجة للابحاث الجادة والمتخصصه والتي هي المقصود من الملتقى، وأظن أن الأخوه اسسواهذا الملتقى على هذا الاساس، فالفقيه يدلي بماعنده من علم متعلق بأحكام آية من كتاب الله، وكذلك المحدث، والاديب ... ، المقصود أن يكون الإطار العام للمشاركه له تعلق بعلم التفسير , وقد يكون العائق امام الكثير منا هو الوقت، فالمشاركة تحتاج الى كتابة وأحياناالى بحث قد يصل الى ساعات. لكن مالايدرك كله لايترك جله. فلربما مشاركة بسيطه، اوكلمة مقتضبه، تفتح أبوابا من العلم جليلة وإني ضارب لذلك مثالا:
لماكان يوردابن القيم رحمه الله على شيخه شيخ الاسلام رحمه الله، الشبهه تلو الاخرى , فقال له بعد أن اكثر: بأن يجعل قلبه كالزجاجة صفاءا يدخل اليها النور ولاينفذ اليها غبار وحذره من أن لا يجعله كالاسفنجة اشربت الماء. فكانت هذه النصيحة لابن القيم كالدليل في المفازة.لم تغادره طول حياته.
وهذا عبد الحميد بن باديس رحمه الله * لما اشكل عليه كثرة النقولات عن الائمة المتقدمين في تفسير الاية الواحدة عرض هذا الامر على احد مشائخه فأجابه: اجعل قلبك كالمنخل يسقط منه كل قول باطل فيصفى لك القول الصواب (أو نحو هذه العبارة) قال: فنفعني الله بها.
المقصود أنه كم من مشاركة ولو كانت بسيطة حلت اشكالا أو هدت ضالا أو بصرت جاهلا. أوفتحت بابا من العلم النافع.
وما احق هذه المنتديات بقول القائل:
اليوم شئ وغدا مثله ... من درر العلم التي تلتقط
يحصل المرء بهافائده ... وإنما السيل اجتماع النقط
((الفرق بين الشرح والتفسير))
أقول وحتى أكون ممتثلا لمابه نصحت، هذه مشاركة بسيطة (تفعليالهذا القسم) ـ لاتخلو من فائدة أن شاء الله، ولن تخرج عن تعلق بعلم التفسير.
لاتخفى نفاسة كتاب الفروق لأبي هلال العسكري ـ رحمه الله ـ فقد أحتوى على علم غزير، ونكت تفسيرية لو تصدى لها جامع لأثرى بها هذا المنتدى، كالفرق بين الاية والعلامة وبين دلالة الاية وتضمين الاية وبين التفسير والتأويل وبين الواحد والاحد وبين الخوف والخشيه وبين العهد والعقد وبين القسم والحلف وبين الشرح والتفصيل ... مما له تعلق بمفردة قرآنية أو مصطلح تفسيري
وسأذكر ماقال في هذه الآخيره لاهميتها: (الفرق بين الشرح والتفصيل): أن الشرح بيان المشروح وإخراجه من وجه الاشكال الى التجلي والظهور،ولهذا لايستعمل الشرح في القرآن، والتفصيل هو ذكر ماتضمنه الجملة على سبيل الافراد ولهذا قال تعالى (ثم فصلت من لدن حكيم خبير) ولم يقل شرحت
وفرق آخر أن التفصيل هو وصف آحاد الجنس وذكرها معا، وربما احتاج التفصيل الى الشرح والبيان والشئ لا يحتاج الى نفسه. أهـ
لهذا لايقال شرح القرآن، أو شرح الاية , او شارح القرآن، فهذه الكلمات داخلة في ماينهى عنه لفظا، وقد فعل الشيخ بكر فأدخلها في معجمه ونقل كلام العسكري رحمه الله
وبالمناسبة: فلكتب هذا العالم حظ من القبول ـ وقد رزق سعادة في ذلك ـ فهل يوجد كتابه المحاسن في تفسير القرآن مطبوعا، وهل هناك توجه من أحد الدارسين لتحقيق هذا الكتاب وإخراجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يحتاج أن يفرد الحديث عنه رحمه الله كمفسر بصفحة خاصة. كذلك تلميذه النجيب العلامة محمد البشير الابراهيمي رحمهم الله جميعا.
¥