والأول هو الراجح. كما أن الراجح في مذهب الشافعي، وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز، وإن كانت الشهوة منتفية لكن لأنه يخاف ثورانها، ولهذا حرم الخلوة بالأجنبية لأنه مظنة الفتنة، والأصل أن كلما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز فإن الذريعة إلى الفساد سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة، ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما إلا إذا كان لحاجة راجحة مثل نظر الخاطب، والطبيب، وغيرهما فإنه يباح النظر للحاجة مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز ..
[مخالطتهم، ومجالستهم]
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوي 15/ 374:
وقال ابن أبي الدنيا:حدثني أبي وسويد قالا حدثنا إبراهيم بن هراسة عن عثمان بن صالح عن الحسن بن ذكوان قال: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى".
وهذا الاستدلال والقياس والتنبيه بالأدنى على الأعلى وكان يقال: لا يبيت الرجل في بيت مع الغلام الأمرد.
وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون مجالسة الأغنياء وأبناء الملوك، وقال: مجالستهم فتنة إنما هم بمنزلة النساء.
وروى أبو الشيخ القزويني بإسناده عن بشر أنه قال: احذروا هؤلاء الأحداث.
وقال فتح الموصلي: صحبت ثلاثين شيخا كانوا يعدون من الأبدال كلهم أوصاني عند مفارقتي له اتق صحبة الأحداث، اتق معاشرة الأحداث.
وكان سفيان الثوري لا يدع أمرد يجالسه.
وكان مالك بن أنس: يمنع دخول المرد مجلسه للسماع فاحتال هشام ـ يعني ابن عمار ـ فدخل في غمار الناس مستترا بهم وهو أمرد، فسمع منه ستة عشر حديثا، فأخبر بذلك مالك فضربه ستة عشر سوطا فقال هشام ليتني سمعت مائة حديث وضربني مائة سوط.
وكان يقول: هذا علم إنما أخذناه عن ذوي اللحى، والشيوخ فلا يحمله عنا إلا أمثالهم.
وقال يحيى بن معين: ما طمع أمرد أن يصحبني ولا أحمد بن حنبل في طريق.
وقال أبو علي الروذباري: قال لي أبو العباس أحمد بن المؤدب: يا أبا علي من أين أخذ صوفية عصرنا هذا الأنس بالأحداث، ـ وقد تصحبهم السلامة في كثير من الأمور ـ؟
فقال: هيهات قد رأينا من هو أقوى منهم إيمانا إذا رأى الحدث قد أقبل نفر منه كفراره من الأسد، وإنما ذاك على حسب الأوقات التي تغلب الأحوال على أهلها فيأخذها تصرف الطباع، ما أكثر الخطأ، ما أكثر الغلط.
قال الجنيد بن محمد: جاء رجل إلى أحمد بن حنبل معه غلام أمرد حسن الوجه، فقال له: من هذا الفتى؟ فقال الرجل: ابني، فقال: لا تجىء به معك مرة أخرى، فلامه بعض أصحابه في ذلك فقال أحمد: على هذا رأينا أشياخنا، وبه أخبرونا عن أسلافهم.
وجاء حسن بن الرازي إلى أحمد، ومعه غلام حسن الوجه، فتحدث معه ساعة، فلما أراد أن ينصرف قال له أحمد: يا أبا علي لا تمش مع هذا الغلام في طريق!
فقال: يا أبا عبدالله إنه ابن أختي. قال: وإن كان لا يأثم الناس فيك.
[خروجهم إلى أمكن الفتنة]
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوي 15/ 418
وكذلك المردان الحسان لا يصلح أن يخرجوا في الأمكنة والأزقة التي يخاف فيها الفتنة إلا بقدر الحاجة ... ولا من الجلوس في الحمام بين الأجانب ولا من رقصه بين الرجال ونحو ذلك مما فيه فتنة للناس والنظر إليه كذلك ..
[تبرجهم]
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوي 15/ 418
فلا يمكن الأمرد الحسن من التبرج.
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوي 28/ 20
وعليهم أن يأتمروا بالمعروف، ويتناهوا عن المنكر،ولا يدعوا بينهم من يظهر ظلما أو فاحشة ولا يدعوا صبيا أمرد يتبرج، أو يظهر ما يفتن به الناس، ولا أن يعاشر من يتهم بعشرته، ولا يكرم لغرض فاسد ..
وقال في مجموع الفتاوي 28/ 370
فإذا كان من الصبيان من تخاف فتنته على الرجال أو على النساء منع وليه من إظهاره لغير حاجة، أو تحسينه لاسيما بتبرجه في الحمامات، وإحضاره مجالس اللهو والأغاني فان هذا مما ينبغي التعزير عليه.
[الاستمتاع به و مضاجعته]
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله مجموع الفتاوي 32/ 247
عن أقوام يعاشرون المردان، وقد يقع من أحدهم قبلة، ومضاجعة للصبي، ويدعون أنهم يصحبون لله، ولا يعدون ذلك ذنبا، ولا عارا، ويقولون نحن نصحبهم بغير خنا، ويعلم أبو الصبي بذلك، وعمه، وأخوه فلا ينكرون! فما حكم الله تعالى في هؤلاء؟
¥