وقد ترجمه السخاوي ترجمة طويلة كلها ثلب وشتم كعادته في أقرانه ومن أعجب ما رأيته فيها من التعصب أنه قدح في مؤلفات المترجم له ثم قال: إنه ما رآها وهذا غريب! ولكنه قد أبان العلة في آخر الترجمة فقال: وبالجملة فهو ممن فيه رائحة الفن بل هو من قدماء الأصحاب وأحد العشرة الذين ذكرهم شيخنا ـ يعني ابن حجرـ في وصيته وإن فعل معي ما أرجو أن يجازى بمقصده عليه.
وقال في ترجمة سبط الحافظ ابن حجر 2/ 354
وقد طار ذكره في الآفاق وتناقلت مؤلفاته الرفاق وأما السخاوي في "الضوء اللامع" فجرى على قاعدته المألوفة في معاصريه، وأقرانه فترجم صاحب الترجمة بما هو محض السباب، والانتقاض لا لسبب يوجب ذلك بل لمجرد كونه كان يعترض على جده الحافظ بن حجر أو يغلط في بعض الأحوال كما هو شأن البشر.
- وهذه تتعلق بالكتاب لكنها من نوع آخر قال 2/ 302: وقد أهمل الحافظ بن حجر ذكر ملوك الروم في الدرر الكامنة في أهل المائة الثامنة فلم يذكر من كان فيها منهم.
وكذلك السخاوي أهمل بعضا ممن كان منهم في المائة التاسعة وذكر بعضا وهذا عجيب! فإنهما يترجمان لجماعة من أهل سائر الديار هم معدودون من أحقر مماليك سلاطين الروم مع أنهما يترجمان لكثير من صغار الملوك، والأمراء الكائنين بالأندلس، واليمن، والهند، وسائر الديار، وهكذا أهملا غالب علماء الروم، ولم يذكرا إلا شيئا يسيرا منهم مع أنهما يترجمان لمن هو أبعد منهم دارا، وأحقر قدرا، فالله أعلم بالسبب المقتضى لذلك، وقد ذكرنا في هذا الكتاب كثيرا ممن أهملاه. اهـ.
وبعد هذا النقول لا يخطر ببالك ذم هذا الكتاب أو مؤلفه، أو تقبيحه، أو عدم نفعه، أو ... غيرها من الظنون فالكمال عزيز، والإنصاف مطلوب، والحق مرغوب ولعلي أختم كما بدأت بنقل عن الشوكاني في وصف هذا الكتاب.
قال الشوكاني 2/ 186: [في ترجمة السخاوي بعد أن سرد مؤلفاته]
ولو لم يكن لصاحب الترجمة من التصانيف إلا الضوء اللامع لكان أعظم دليل على إمامته فإنه ترجم فيه أهل الديار الإسلامية، وسرد في ترجمة كل أحد محفوظاته ومقرواته، وشيوخه، ومصنفاته، وأحواله، ومولده، ووفاته على نمط حسن، وأسلوب لطيف ينبهر له من لديه معرفة بهذا الشأن، ويتعجب من إحاطته بذلك، وسعة دائرته في الإطلاع على أحوال الناس فإنه قد لا يعرف الرجلُ ـ لا سيما في ديارنا اليمنية ـ جميعَ مسموعاتِ ابنِه أو أبيه أو أخيه فضلا عن غير ذلك، ومن قرن هذا الكتاب الذي جعله صاحب الترجمة لأهل القرن التاسع بالدرر الكامنة لشيخه ابن حجر في أهل المائة الثامنة؛ عرفَ فضلَ مُصَنَفِ صاحب الترجمة على مُصَنَفِ شيخه، بل وجد بينهما من التفاوت ما بين الثرى والثريا ولعل العذر لابن حجر في تقصيره عن تلميذه في هذا أنه لم يعش في المائة الثامنة إلا سبع وعشرين سنة بخلاف صاحب الترجمة فإنه عاش في المائة التاسعة تسع وستين سنة، فهو مشاهد لغالب أهله، وابن حجر لم يشاهد غالب أهل القرن الثامن ثم إن صاحب الترجمة لم يتقيد في كتابه بمن مات في القرن التاسع، بل ترجم لجميع من وجد فيه ممن عاش إلى القرن العاشر، وابن حجر لم يترجم في الدرر إلا لمن مات في القرن الثامن.
وليت أن صاحب الترجمة صان ذلك الكتاب الفائق عن الوقيعة في أكابر العلماء من أقرانه ولكن ربما كان له مقصد صالح.
وفي كتاب الشوكاني فوائد، ولطائف لعلي أنشط فأذكر بعضها. والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 May 2004, 04:54 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبدالرحمن وفتح عليك، لما تتحفنا به من النفائس والدرر الملتقطة. وكتب التراجم مليئة بالفوائد المتناثرة في مختلف العلوم، ولو اعتنى الباحث بجمع الفوائد الخاصة بالقرآن وعلومه لتحصل له فوائد كثيرة، ونقول نفيسة.
جزاك الله خيراً ونحن في انتظار ما وعدت به من فوائد البدر الطالع.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[21 May 2004, 07:15 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: عبدالرحمن الشهري
ونحن في انتظار ما وعدت به من فوائد البدر الطالع.
جزاك الله خيرا، وبارك فيك على هذا الحث، والتشجيع ..
وأنا قلتُ لعلي أنشط، وأنت جلعلت لعلي محققة؛ فلا بد لي من الإجابة لبعض ما سألتم فإجابت أمثالكم عليّ متعينة.
والفوائد كثيرة لكن الوقت الذين يمضي في النقل والتدوين والتنسيق يعيق عن تحصيل مثيلاتها، فنسدد ونقارب.
وما أدري هل أضعها هنا تحت هذا العنوان، أو أفرد لها عنوانا آخر ليسهل الرجوع إليها عند الحاجة.
بانتظار رأيكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2004, 11:15 ص]ـ
ليكن ذلك حسب ما يتسع وقتكم وفقكم الله. وإنما أطمعنا في الطلب، ما نراه من الفوائد، وحسن الاختيار وفقك الله لكل خير. والأمر في وضعها بعنوان جديد يعود إليكم أخي الكريم.