كتابة مقدمة التحقيق:
انتهى عمل المحقق في صلب الكتاب، وقد صفا الوقت لكتابة مقدمته، والمحقق خلال عمله اطلع على خفايا الكتاب، وقتل مخطوطاته درسا، وعرف مؤلفه معرفة وافية؛ فما عليه الان ـ وقد تجمعت له مادة كافية ـ إلا أن يعمل قلمه في كتابة المقدمة. وقد جرت العادة أن تبدأ المقدمة بترجمة مؤلف الكتاب، ودرجته العلمية، وأقوال العلماء فيه، وذكر المصادر التي ترجمت له.
ثم الحديث عن الكتاب وفائدته للامة وأهمية إحيائه، وعن الكتب التي تشبهه في موضوعه ومكانه بينها.
ثم وصف مخطوطاته وصفا دقيقا، والدلالة على أماكنها من مكتبات الدنيا، ويجب أن يرفق المحقق بهذا الوصف نماذج مصورة من أوائل المخطوطات وأواسطها وأواخرها.
ثم يذكر المحقق عمله في الكتاب ليكون القارئ على بيّنة من أمره فيطمئن إلى الكتاب ويقتنيه ذخيرة ثقافية نافعة، إنشاء الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
-------
مراحل تحقيق المخطوطات وضبطها
ملخص من كتاب
[توثيق النصوص وضبطها] لموفق عبد القادر
مقدمة
إن تحقيق النصوص أمانة دينية وعلمية وأخلاقية، وإن من واجب المحقق أن يعلم أن هذه النصوص إنما هي وثائق تاريخية لا يحق له أن يتلاعب بها وأن يجعل من نفسه مصححا أو مقوما لهذه الوثائق. وإن الأمانة العلمية تقتضي منه الحرص التام على نقل هذه الوثائق كما هي. لذا على المحقق أن يضع في ذهنه قبل كل شيء إثبات ما قاله المصنف خطأ كان أم صواباً، وأن لا ينصب نفسه حكما على هذه النصوص فيبيح تصحيحها أو تبديلها بنصوص أخرى. وعليه أن يكد ذهنه ليصل إلى النص السليم الذي قاله المصنف وأن يتحرى الدقة الكاملة والحذر الشديد ليفرق بين خطأ النساخ وخطأ المصنف واختلاف النسخ واختلاف الروايات. كما يجب أن يعارض بين النسخ المتعددة للوصول إلى الصواب. فالمعارضة بين النسخ مهمة في كشف صحة ما قاله المصنف وربما تكون هنالك ضرورة الإضافة من هذه النسخ للنسخة الأصل تقتضيها سلامة النص كإتمام نقص أو تصحيح تحريف أو تصحيف أو سقط كلام. وهذا يأتي بعد اتخاذ نسخة تكون أصلا بعد دراستها دراسة علمية دقيقة ثم معارضتها بالنسخ الأخرى والإشارة إلى الفروق بين النسخ في حاشية الكتاب مع التحري في الدقة في عدم إضافة أي لفظ أو تغيير أي عبارة من نسخة الأصل اللهم إلا لضرورة علمية لا مناص منها، فعندئذ يلجأ المحقق إلى الإضافة أو التبديل مستعينا بالنسخ الأخرى ولا يتم ذلك إلا بعد التمحيص الدقيق. وأفضل الوسائل للوصول إلى ما كتبه المصنف المقابلة وهي: أن يقابل المحقق نسخته على النسخ الأخرى لإصلاح ما يوجد من فروق أو تحريف أو زيادة أو نقص.
أولاً: توفر النسخ واختيار نسخة تكون أصلاً يُعتمد عليه في التحقيق:
بعد أن تتوفر النسخ الخطية للكتاب المراد تحقيقه يأخذ المحقق بدراسة هذه النسخ ويجب أن يراعي في اختيار نسخة تتخذ كأصل ما يلي:
1 - قدم النسخة المخطوطة. لا شك أن قدمها قد يكون من الأسباب التي ترشحها لأن تتخذ كأصل يعتمد عليه في التحقيق.
2 - النسخة التامة. لابد أن تكون النسخة تامة كاملة غير ناقصة. إضافة إلى أن النسخة قد تكون عورضت وقوبلت على نسخ أخرى، وقرأها عدد من العلماء وصححت وكتبت عليها البلاغات والسماعات وخطوط العلماء. فهي بهذا تكون مرشحة أكثر من غيرها لأن تتخذ أصلا يعتمد عليها في التحقيق إذا توفر ذلك.
3 - إذا تحصل المحقق على نسخة واحدة من المخطوطة يجب ألا يبدأ في تحقيقها حتى يتحصل على أخواتها من من النسخ الأخرى الموجودة في المكتبات، ولابد أن يسعى في الحصول عليها ليتم بها المقارنة والمقابلة بشكل صحيح. هذا إذا كان للمخطوطة نسخ أخرى موجودة في العالم.
ثانياً: تسمية الكتاب وصحة نسبته إلى المصنف:
بعد أن تجتمع لدى المحقق النسخ الكافية للتحقيق، لا بد أن يتأكد من تسمية الكتاب وصحة نسبته إلى المصنف. ويجب ألا يضيف المحقق الاسم من عنده لأن الأمانة العلمية تقضي ذلك. ويجب اتباع الخطوات التالية:
1 - الرجوع إلى ترجمة المصنف من كتب التراجم للتأكد من تسمية الكتاب.
2 - الرجوع إلى كتب الفهارس ككتاب الفهرست لابن نديم أو غيره من الكتب.
3 - قراءة مقدمة الكتاب وتصفح أجزائه بدقة إذ قد يصرح المصنف باسم الكتاب في ثناياه أو في آخره.
¥