وما أشبه الليلة بالبارحة، فلو زرت أحد مستشفيات الولادة في بلاد المسلمين، وقلبت طرفك في وجوه الذين ولد لهم بنات، وراقبت كلامهم، وسبرت أحوالهم عند إخبارهم بذلك- لوجدت توافقا عجيبا، وتطابقا غريبا بين حال كثير من هؤلاء، وحال الجاهليين الذي قص الله علينا أمرهم.
وفي بعض المستشفيات قد يكتشفون ما برحم المرأة قبل الولادة عبر الأشعة الصوتية، فإذا كان ما في الرحم ذكرا بشروا، وإن كان أنثى اقصروا، بل ربما عزوا - عياذا بالله-.
فتسخط البنات أمر خطير وفيه عدة محاذير، منها:
أ- أنه اعتراض على قدر الله- عز وجل-.
ب- أن فيه ردا لهبة الله بدلا من شكرها، وكفى بذلك تعرضا لمقت الله.
ج- أنه تشبه بأخلاق أهل الجاهلية.
د- أنه دليل على السفه والجهل والخلل في العقل.
هـ- أنه تحميل للمرأة ما لا تطيق؛ فبعضهم يغضب على المرأة بمجرد إتيانها بالأنثى، وما علم أنه هو السبب لو كان يعقل؛ إذ يعامل المرأة معاملة من لو كانت ولادة الذكور باختيارها.
و- أن فيه إهانة للمرأة وحطاً من قدرها.
15 - ومن صور التقصير في تربية الأولاد تسميتهم بأسماء سيئة:
فهذا خلل في التربية وجناية على الأولاد، قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد- حفظه الله-: "إني تأملت عامة الذنوب والمعاصي، فوجدت الذنوب والمعاصي إذا تاب العبد منها- تجذمها التوبة، وتقطع سيئ أثرها لتوها؛ فكما أن الإسلام يجب ما قبله وأكبره الشرك- فإن التوبة تجب ما قبلها متى اكتملت شروطها المعتبرة شرعا، وهي معلومة أو بحكم المعلومة.
لكن هناك معصية تتسلسل في الأصلاب، وعارها يلحق الأحفاد من الأجداد، ويتندر بها الرجال على الرجال، والولدان على الولدان، والنسوة على النسوان، فالتوبة منها تحتاج إلى مشوار طويل العثار؛ لأنها مسجلة في وثائق المعاش من حين استهلال المولود صارخاً في هذه الحياة الدنيا إلى ما شاء الله من حياته، في شهادة الميلاد، وحفيظة النفوس، وبطاقة الأحوال، والشهادات الدراسية، ورخصة القيادة، والوثائق الشرعية ...
إنها "تسمية المولود، التي تعثر فيها "الأب" فلم يهتد لاسم يقره الشرع المطهر، ويستوعبه لسان العرب، وتستلهمه الفطرة السليمة.
وهذه واحدة من إفرازات التموجات الفكرية التي ذهبت ببعض الآباء كل مذهب، كل بقدر ما أثر به من ثقافة وافدة، وكان من أسوئها ما نفث به بعض المستغربين منها من عشق كلف، وظمأ شديد لأسماء الكافرين، والتقاط كل اسم رخو فتخاذل وعزوف سادر عن "زينة المواليد" الأسماء الشرعية".
فمن الأخطاء التي تقع في تسمية المولود ما يلي:
أ- تسميتهم بالأسماء الممنوعة المحرمة: كتسميتهم بأسماء الله المختصة به؛ مثل الأحد، الرحمن، الله، الخالق، ومن ذلك الأسماء المعبدة لغير الله- تعالى- مثل عبد النبي، عبد الحسين، عبد علي، وكذلك تسميتهم بالأسماء الأجنبية الخاصة بأعدائنا من اليهود والنصارى وغيرهم؛ مثل: جورج، ود يفيد، وما يكل، وجو زيف، وديانا، وجا كلين، لأن هذا يجر- ولو على المدى البعيد- إلى موالاتهم.
ب- تسميتهم بالأسماء التي ينبغي تجنبها والتي قد تكون محرمة: كتسميتهم بأسماء الجبابرة والطواغيت؛ أمثال: فرعون، وهامان، وقارون، ومن كان في قافلتهم وعلى شاكلتهم مثل ماركس، ولينين، وستالين، وفر ويد؛ لأن التسمي بهم ينم عن الرضا بأفعالهم، والمحبة لمناهجهم.
ج- تسميتهم بالأسماء التي يظن أنها من أسماء الله- تعالى-: فهذه من الأسماء المكروهة شرعا كالتسمية ب: عبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود.
د- تسميتهم بالأسماء المكروهة أدبا وذوقا: وهي التي تحمل في ألفاظها تشاؤما، أو معاني تكرهها النفوس، كحرب، وحما ر، وكلب، ومرة.
هـ- تسمية الأولاد بالأسماء التي تسبب الضحك وتثير السخرية: مثل: شحات، وفلفل، وخيشة، وجحش، وبغل، وفجل.
و- التسمية بالأسماء التي توحي بالتميع والغرام وخدش الحياء: مثل: هيام، ومعناه: الجنون في العشق، وكذلك وصال، وفاتن، وفتنة، وشادية.
ز- التسمية بأسماء الملائكة: خاصة للنساء؛ إذ يخشى أن يكون تشبهاً بالمشركين.
ح- تسميتهم بالأسماء التي تتضمن تزكية دينية، مثل: برة.
16 - مكث الوالد طويلاً خارج المنزل:
فبعض الآباء يهمل منزله، ويمكث طويلاً خارجه، مما يعرض الأولاد للفتن، والمصائب، والضياع والانحراف، ومن مظاهر ذلك ما يلي:
¥