إن النخب لا تصنع نفسها بنفسها، ناهيك عن أن تصنع التغيير بتبادل الأفكار فيما بينها، سواء اختلفت عليها أو توافقت، إنما يبدأ التغيير بأفكار نخب تنبثق عن الشعوب، فتعود بأفكارها إليها لتصنع هي التغيير في نهاية المطاف، والكلمة هي بوابة الحوار على هذا الصعيد.
* نبيل شبيب: كاتب فلسطيني المولد (عكا) سوري الأصل، من مواليد 1947 م، ومقيم في ألمانيا منذ عام 1965م.
(1) - صحيح البخاري/ كتاب العلم.
(2) - صحيح مسلم/ المقدّمة.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jun 2008, 07:30 م]ـ
جزاك الله خيرا على جميل اختيارك، فالمقال في غاية الأهمية، وسار بمنهجية موفقة مركزة تحلت في عمومها بالموضوعية، وجودة الطرح في وضع اليد على قضايا هامة تتعلق بالواقع وتتلمس هم المستقبل.
ثم اسمح لي أخي الحبيب بالتوقف عند نقطتين - وكل الموضوع مهم- الاولى: قوله:" وبالتالي لا مندوحة عن تثبيت قاعدة أولى بسيطة وبالغة الأهمية، أن تُفهم الكلمة عند سامعها أو قارئها على نحو مطابق لمقصد قائلها أو كاتبها، سواء اتفق الطرفان على تأييد مضمونها أم اختلفا".
مما يستدعي ضرورة - لنجاح الحوار- عدم اتهام النيات، ولنفترض في المؤمن الإخلاص، ورغبته في الوصول إلى الحق، ونخاطبه على هذا الأساس بسلامة صدر، وحرص على الوصول إلى الحق، دون إغفال اتهام رأينا أولا -وإن رأيناه صوابا- واضعين صوب أعيننا احتمال أن يكون الحق مع المخالف، وهذا تمثل جليا في سلوك إئمتنا العظماء كالشافعي وغيره.
الثانية: في قوله:" وإذا كان الحوار بين أصحاب تلك الطرق المتعددة عسيرا وكان الحوار بين التيارات المتعددة متعثرا أو متعذرا، فكيف يُنتظر من جيل المستقبل أن يجد لنفسه طريقا للخروج من الواقع الذي صنعناه له، وهو واقع التخلف على كل صعيد؟!
وما أجمل وأعمق هذه اللفتة، فإذا كان جيلنا يمر بهذه الإشكالات الغويصة، ويعاني التشرذم والفرقة، وفرض الواقع علينا مالا نشتهي ويريده الغير، مجندا قوى مهولة، أفلا يجدر بنا -ونحن نصر على الخروج بشتى الطرق محاولة تلو الأخرى- أن نهتم بما يتحقق كليا في المستقبل -إن شاء الله- بغرس القيم الداعمة وتأصيل القواعد اللازمة في أجيالنا القادمة، فتتجنب ما عانينا ويلاته، وتحقق مافاتنا إنجازه، وأذكر هنا أن المفكر والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، سئل كيف ترى مستقبل فرنسا بعد خمسين عاما؟ فأخذ بيد السائل إلى أقرب مدرسة وأشار إلى طلابها وقال: هؤلاء فرنسا بعد خمسين عاما.
أينبثق هذا الفكر من غربي، وفينا كتاب الله وسنة رسوله؟ (تعجب)
الهم كبير، والفؤاد كسير، والعقل مثقل، وصدق الله العظيم { .. إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... } الرعد11، وصدق رسوله الكريم (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه) صلى الله عليه وسلم.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبيه ومصطفاه، وسائر من نهج نهجه ووالاه.