وكذلك الحوار بين شرائح المجتمع وأطيافه المتعددة، لأن هناك تيارات ومذاهب، وهناك من لا ينتمون إلى الإسلام، وهؤلاء أولى أن يتم التحاور معهم. وليس بالضرورة أن يكون الحوار في إطار "ادخلوا في الإسلام"، وإنما يكون على الأقل من خلال المصالح، ولنا أن ننظر كيف مات نبينا صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي؟!
إذن فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحاور اليهودي على شعير يشتريه لأهله. وهذا يبصرنا على أنّ من حِكَمِ الله العظيمة أن المدينة لم تكن موطنًا خاصًّا بالمسلمين، ولكن سكن فيها عباد الأوثان واليهود والنصارى.
هل الحوار ضعف؟
ونفى الشيخ سلمان العودة نفيًا جازمًا أن يكون الدعاة والمشايخ يحاورون من منطلق الضعف، قائلًا: ما هو الضعف؟
إننا إذا أردنا أن نحاور أحدًا للدخول في الإسلام، فيجب علينا ألا نعتبر أن القوة هي الفظاظة في العبارة، كأن يرسل أحدهم رسالة جوالٍ لفرد من غير المسلمين يقول له: أدعوك إلى الإسلام، أَسْلِمْ تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، وإلا فالجزية أو القتال!!
فهل قام النبي بدعوة أحد إلى الإسلام عَنْوَةً، أو أمر أحدًا من أتباعه بذلك؟ بالطبع لا.
وهل أنت الذي تأخذ الجزية من الناس؟!
إن القوة التي يجب أن نحددها هي قوة العلم والعقل، وأن نقول: ليس لدينا شيء نخافه أو نخفيه.
إن القوة في أن يكون لدينا القدرة على فهم القرآن والسنة والواقع، والقدرة على الإجابة عن أسئلة الآخرين مهما كانت، فلا شيء يُسْكِتُنَا فيما نُسْأل عنه إلا ما يتعلق بأمور الغيب، التي نحن وغيرنا نُفَوِّضُ أمرها لله سبحانه، فالقوة تكون بالإيمان بالله سبحانه وتعالى.
وفي إطار الحديث عن غيبة الدور الإسلامي والعربي عن ميدان التقدم يقول العودة: صحيحٌ أننا لا نملك التقدم، ولكننا نملك المنهج القرآني والنبوي، ونملك الإرادة التي تُوجَدُ على الأقل عند بعضنا، ولدينا التقنية التي نستطيع أن نتواصل من خلالها مع أُمَمِ الأرض كلها، حين يوجد مشروع تجتمع عليه الأمة كلها، الحكام والعلماء والنساء والأطفال والعامة.
نقد وإرشاد
وانتقد الشيخ بشدة لجوء بعض القنوات الفضائية إلى استضافة رجل علماني شديد الذكاء، ورجل آخر ضعيف الشخصية، للحديث حول أمر من أمور الدين، وقال: هكذا تكون القضية غير عادلة، فكثير من الإخوة الأكفاء يحجمون، ثم يخرج شخص ضعيف، وأنا أستنكر خروج البعض، وترك البرامج على الهواء، فالأمر إذًا أشبه بالحرب، وعلى المرء أن يستعين بالله، وأن يُقَارِعَ الحجة بالحجة، وأن يتحدث بعدل وإنصاف، وألا يخضع للاستفزاز.
كما انتقد الشيخ سلمان العودة جدال المسلمين حول القضايا الفرعية، دون التأصيل لثوابت الدين وضرورياته القطيعة، والتشديد عليها، وإدارة الجدل حولها لإقامة الحجة والإقناع بها من حيث إنها أصول، ولكن بعض الناس –كما يقول الشيخ- يجادل في الثوابت؛ لأن عنده ريبًا أو انحرافًا في عقله، بينما يلحق البعض الآخر بهذه الأصول ما ليس منها من الفرعيات والجزئيات التي يأبى أن يكون حولها أخذ ورد، فيحرم على الناس مناقشتها، أو يرمي خصومه الذين لا يوافقونه الرأي بأنهم مشكوكٌ في دينهم، وليس فقط يخالفونه الرأي!
عداء بابا الفاتيكان للإسلام
واتهم الشيخ العودة بابا الفاتيكان صراحة بأنه معادٍ للإسلام، وقال: البابا الحالي استهدف الإسلام في أكثر من مناسبة، وقام بتعميد رجل كان مسلمًا، وانتقل إلى النصرانية لمصلحة مادية، كما صرح بذلك مجموعة من المثقفين؛ حيث قام البابا بتعميده على الهواء، وقال أمام الشاشات: إن القارات تُفَرِّقُنا والتاريخ والمناهج والمسيح يجمعنا!
كما أن البابا الحالي لم يقدم اعتذارًا للمسلمين فيما يخص الحروب الصليبية وغيرها، واتحاد علماء المسلمين عنده موقف من الحوار مع البابا، لكن الحوار لا يتوقف عند البابا، والأحداث تتغير وتتداول بين يوم وليلة.
وأنهى فضيلته حديثه مطالبًا بضرورة التحلي برحابة الصدر؛ لكي يصل الحوار الإسلامي إلى كافة الأطياف والشعوب، ولا بد أن يكون الانتصار للدين لا للنفس، ودعا النخب الفكرية إلى ضرورة التوحد؛ لأنهم هم من يقود المجتمع. وقال: أذكر أنني التقيت بروفيسورات كان لديهم فهم ومفاجآت، ولا يعرفون كثيرًا من الحقائق المتعلقة بالإسلام، ولكن بالحوار ثبتت لهم حقيقة الإسلام العظيم.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[17 Jun 2008, 03:06 م]ـ
جزاك الله خيرا علي هذا النقل القيم وبارك في الشيخ سلمان ونفع بجهوده