(5) وقال (أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبوبكر وعمر وعثمان وعلي , ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل) ([63])
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين
(1) قال الإمام أبو حنيفة (أصحاب الأهواء في البصرة كثير , ودخلتها عشرين مرة ونيفاً وربما أقمت بها سنة أو أكثر أو أقل ظاناً عِلْم الكلام أجل العلوم) ([64])
(2) وقال (كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغاً يشار إليّ فيه بالأصابع , وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان فجآءتني امرأة فقالت: رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟
فلم أرد أقول فأمرتها أن تسأل حماداً ثم ترجع فتخبرني فسألت حماداً فقال: يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقه ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلّت للأزواج , فرجعت فأخبرني فقلت: لا حاجة لي في الكلام وأخذت نعلي فجلست إلى حماد) ([65])
(3) وقال (لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام) ([66])
وسأله رجل وقال: ما تقول فيما أحدثه الناس في الكلام في الأعراض والأجسام , فقال (مقالات الفلاسفة عليك بالأثر وطريق السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة) ([67])
(4) قال حماد ابن أبي حنيفة (دخل علي أبي – رحمه الله – يوماً وعندي جماعة من أصحاب الكلام ونحن نتناظر في باب , قد علت أصواتنا فلما سمعت حسَّه في الدار خرجت إليه فقال لي يا حماد من عندك؟ قلت , فلان وفلان وفلان , سَّميت من كان عندي و قال: وفيم أنتم؟ قلت: في باب كذا وكذا , فقال لي: يا حماد دع الكلام – قال: ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهى عنه. فقلت له: يا أبت ألست كنت تأمرني به , قال: بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه , قلت: ولم ذاك , فقال: يا بني إن هؤلاء المختلفين في أبواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتابينوا ... ) ([68])
(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف (إيّاك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام فإنهم يقلدونك فيشتغلون بذلك) ([69])
هذه طائفة من أقواله – رحمه الله – وما يعتقده في مسائل أصول الدين وموقفه من الكلام والمتكلمين.
المبحث الثالث
عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله
أ – قوله رحمه الله في التوحيد
(1) اخرج الهروي عن الشافعي قال: سئل مالك عن الكلام والتوحيد , فقال مالك (محال أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم , انه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد , والتوحيد ما قاله النبي صله الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله) ([70]) فما عصم به المال والدم حقيقة التوحيد) ([71])
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال (سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت) ([72])
(3) وقال ابن عبد البر (سئُل أيُرى الله يوم القيامة؟ فقال: نعم يقول الله عز وجل (وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة) ([73]). وقال لقوم آخرين (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) ([74])) ([75])
وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك ([76]) عن ابن نافع ([77]) وأشهب ([78]) قالا: وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبدالله (وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة) ينظرون إلى الله؟ قال: نعم يأعينهم هاتين , فقلت له: فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال: كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام (رب أرني أنظر إليك) ([79]) أفترى موسى سأل ربه محالاً؟ فقال (لن تراني) ([80]) أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله (كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) ([81])
¥