تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجد الإحساس بألم لكن الرضا يخففه ما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة وإذا قوي الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية كما سبق وقوله صلى الله عليه وسلم واعلم أن النصر مع الصبر هذا موافق لقول الله عز وجل قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين البقرة وقوله إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين الأنفال وقال عمر لأشياخ من بني عبس بم قاتلتم الناس قالوا بالصبر لم نلق قوما إلا صبرنا لهم كما صبروا لنا وقال بعض السلف كلنا يكره الموت وألم الجراح ولكن نتفاضل بالصبر وقال ابن بطال الشجاعة صبر ساعة وهذا في جهاد العدو الظاهر وهو جهاد الكفار وكذلك جهاد العدو الباطن وهو جهاد النفس والهوى فإن جهادهما من أعظم الجهاد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد من جاهد نفسه في الله وقال عبد الله بن عمر لمن سأله عن الجهاد ابدأ بنفسك فجاهدها وابدأ بنفسك فاغزها وقال بقية بن الوليد أخبرنا إبراهيم بن أدهم قال حدثنا الثقة عن على بن أبي طالب قال أول ما تنكرون من جهادكم أنفسكم وقال إبراهيم بن أبي علقمة لقوم جاءوا من الغزو قد جئتم من الجهاد الأصغر فما فعلتم في الجهاد الأكبر قالوا وما الجهاد الأكبر قال جهاد القلب ويروى هذا مرفوعا من حديث جابر بإسناد ضعيف ولفظه قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر قالوا وما الجهاد الأكبر قال مجاهدة العبد لهواه ويروى من حديث سعد بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس عدوك الذي إذا قتلك أدخلك الجنة وإذا قتلته كان نورا لك وإنما أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وصيته لعمر حين استخلفه إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك فهذا الجهاد يحتاج أيضا إلى صبر فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه غلبه وحصل له النصر والظفر وملك نفسه فصار ملكا عزيزا ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غلب وقهر وأسر وصار عبدا ذليلا أسيرا في يد شيطانه وهواه كما قيل إذا المرء لم يغلب هواه أقامه بمنزلة فيها العزيز ذليل قال ابن المبارك من صبر فما أقل ما يصبر ومن جزع فما أقل ما يتمتع فقوله صلى الله عليه وسلم إن النصر مع الصبر يشمل النصر في الجهادين جهاد العدو الظاهر وجهاد العدو الباطن فمن صبر فيهما نصر وظفر بعدوه ومن لم يصبر فيهما وجزع قهر وصار أسيرا لعدوه أو قتيلا له وقوله صلى الله عليه وسلم وإن الفرج مع الكرب وهذا يشهد له قوله عز وجل وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته الشورى وقول النبي صلى الله عليه وسلم ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره خرجه الإمام أحمد وخرجه ابنه عبد الله في حديث طويل وفيه علم الله يوم الغيث أنه يشرف عليكم أذلين قنطين فيظل يضحك قد علم أن غيركم إلى قرب والمعنى أنه سبحانه يعجب من قنوط عباده عند احتباس القطر عنهم وقنوطهم ويأسهم من الرحمة وقد اقترب وقت فرجه ورحمته لعباده بإنزال الغيث عليهم وتغيره لحالهم وهم لا يشعرون وقال تعالى فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين الروم وقال تعالى حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا يوسف وقال تعالى حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب البقرة وقال حاكيا عن يعقوب أنه قال لبنيه يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ثم قص قصة اجتماعهم عقب ذلك وكم قص سبحانه من قصص تفريج كربات أنبيائه عند تناهي الكرب كإنجاء نوح ومن معه في الفلك وإنجاء إبراهيم من النار وفدائه لولده الذي أمر بذبحه وإنجاء موسى وقومه من اليم وإغراق عدوهم وقصة أيوب ويونس وقصص محمد صلى الله عليه وسلم مع أعدائه وإنجائه منهم كقصته في الغار ويوم بدر ويوم أحد ويوم الأحزاب ويوم حنين وغير ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم فإن مع العسر يسرا هو منتزع من قوله تعالى سيجعل الله بعد عسر يسرا وقوله عز وجل فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وخرج البزار في مسنده وابن أبي حاتم واللفظ له من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه فأنزل الله عز وجل فإن مع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير