تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العسر يسرا إن مع العسر يسرا وخرج البزار في مسنده وابن أبي حاتم واللفظ له من حديث أنس مرسلا نحوه وفي حديثه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لن يغلب عسر يسرين وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه ثم قال: قال الله تعالى فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وبإسناده أن أبا عبيدة حضر فكتب عمر يقول مهما ينزل بامرئ شدة يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين وإنه يقول اصبروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون آل عمران ومن لطائف أسرار أقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين وتعلق قلبه بالله وحده وهذا هو حقيقة التوكل على الله وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج فإن الله يكفي من توكل عليه كما قال تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه الطلاق وروى آدم بن أبي إياس في تفسيره عن محمد بن إسحاق قال جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أسر ابني عوف فقال له أرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فأتاه الرسول فأخبره فأكب عوف يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها فأقبل فإذا هو بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم فاتبع آخرها أولها فلم يفاجأ أبويه إلا هو ينادي بالباب فقال أبوه عوف ورب الكعبة فقالت أمه واسوأتاه عوف كئيب بألم ما فيه من القد فاستبق الأب والخادم إليه فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلا فقص على أبيه أمره وأمر الإبل فأتى أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعا بإبلك ونزل ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على فهو حسبه الحشر قال الفضيل لو يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئا لأعطاك مولاك كل ما تريد وذكر إبراهيم بن أدهم عن بعضهم قال ما سأل السائلون مسألة هي ألحلف من أن يقول العبد ما شاء الله قال يعني بذلك التفويض إلى الله عز وجل وقال سعيد بن سالم القداح بلغني أن موسى عليه الصلاة والسلام كانت له إلى الله حاجة فأبطأت عليه فقال ما شاء الله فإذا حاجته بين يديه فعجب فأوحى الله إليه أما علمت أن قولك ما شاء الله أنجح ما طلبت به الحوائج وأيضا فإن المؤمن إذا استبطأ الفرج وأيس منه بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر عليه أثر الإجابة فرجع إلى نفسه باللائمة وقال لها إنما أتيت من قبلك ولو كان فيك خير لأجبت وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير من الطاعات فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه واعترافه له بأنه أهل لما نزل من البلاء وأنه ليس أهلا لإجابة الدعاء فلذلك تسرع إليه حينئذ إجابة الدعاء وتفريج الكرب فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله قال وهب تعبد رجل زمانا ثم بدت له إلى الله حاجة فقام سبعين سبتا يأكل في كل سبت إحدى عشرة تمرة ثم سأل الله حاجته فلم يعطها فرجع إلى نفسه فقال منك أتيت لو كان فيك خيرا أعطيت حاجتك فنزل إليه عند ذلك ملك فقال له يا ابن آدم ساعتك هذه خير من عبادتك التي مضت وقد قضى الله حاجتك خرجه ابن أبي الدنيا ولبعض المتقدمين في هذا المعنى عسى ما ترى أن لا يدوم وإن ترى له فرجا مما ألح به الدهر عسى فرج يأتي به الله أنه له كل يوم في خليقته أمر إذا لاح عسر فارتج اليسر إنه قضى الله أن العسر يتبعه اليسر " ().

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي

() أخرجه الترمذي رقم (2516) 4/ 667 وصححه، وأحمد رقم (2669) 1/ 293، وأبو يعلى رقم (2556) 4/ 430، والطبراني في الكبير رقم (11416) 11/ 178، و رقم (12988) 12/ 238، ورقم (11560) 11/ 223، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة رقم (12 – 15) 10/ 22 - 25، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم (2516) 4/ 667، وفي مشكاة المصابيح رقم (5302).

() أخرجه أحمد رقم (2804) 1/ 307، وأبو يعلى رقم (96) 1/ 101، وعبد بن حميد رقم (636) 1/ 214، والطبراني في الكبير رقم (11243) 11/ 123، وفي الأوسط رقم (5417) 5/ 316، والقضاعي في مسند الشهاب رقم (745) 1/ 434، والحاكم في المستدرك رقم (6303) 3/ 623، ورقم (6304) 3/ 624 وقال: هذا حديث كبير عال من حديث عبد الملك بن عمير عن بن عباس رضي الله عنهما إلا أن الشيخين رضي الله عنهما لم يخرجا شهاب بن خراش ولا القداح في الصحيحين وقد روي الحديث بأسانيد عن بن عباس غير هذا، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (2382) 5/ 496، وفي صحيح الجامع رقم (6806)، وفي ظلال الجنة رقم (315).

() الثبات عند الممات لابن الجوزي ص54 – 56.

() الموافقات للشاطبي 3/ 249 - 251.

() مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 181 - 282.

() جامع العلوم والحكم لابن رجب 1/ 183 – 198.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير