تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[11 Sep 2008, 09:15 م]ـ

... الغلو عند الحنابلة ...

من ذلك أن عثمان بن سعيد الدارمي لما رد على المريسي في كتابه المشهور (نقض الدارمي على المريسي) ركب في الإثبات صهوة الغلو حتى ذم طريقته جمع من أهل العلم. على أنه قد امتدحه قوم آخرون. قال فيه ابن القيم: "إنه من أجل الكتب المصنفة في السنة وأنفعها" عزاه إليه الشيخ سفر الحوالي في موقعه.

*الغلو في الإثبات والقياسات والتوفيقات: ومما قاله في كتابه في معرض الاحتجاج للإثبات:

حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال: إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده.

حدثنا عبد الله بن أبي شيبة ويحيى الحماني عن وكيع عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدره إلا الله.

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قام رسول الله في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: إني سأقول لكم قولا لم يقله نبي لقومه تعلمن أنه أعور وأن الله ليس بأعور. فأخبرني أبو اليمان أن شعيبا أخبره به

ففي تأويل قول رسول الله أن الله ليس بأعور بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور

قلت: جمعه بين العينين والبصر تشبيه عظيم.

وهل يقول الدارمي صراحة بإثبات الأعضاء والجوارح لله تعالى؟!

قال في كتابه المذكور يخاطب المريسي "وأما تشنيعك على هؤلاء المقرين بصفات الله تعالى المؤمنين بما قال الله أنهم يتوهمون فيها جوارح وأعضاء فقد ادعيت عليهم في ذلك زورا باطلا وأنت من أعلم الناس بما يريدون بها إنما يثبتون منها ما أنت له معطل وبه مكذب ولا يتوهمون فيها إلا ما عنى الله تعالى ورسوله ولا يدعون جوارح ولا أعضاء كما تقولت عليهم غير أنك لا تألو في التشنيع عليهم بالكذب ليكون أروج لضلالتك عند الجهال ..

قلت: فمن نسب الدارمي إلى التجسيم قلنا له إنما فر من التجسيم بصريح قوله كما رأيت وإن كان هذا منه نقضًا شديدًا لما يسوقه من التشبيه والتجسيم، أو أن ما يسوقه منهما نقض شديد لقوله إنه لا يقول بالتجسيم ولا التشبيه.

وقال القحطاني في نونيته في حق الأشعرية:

عطلتم السبع السموات العلا ............... والعرش اخليتم من الرحمن

لله وجه لا يحد بصورة ............... ولربنا عينان ناظرتان

قلت: قوله (أخليتم) عكس (ملأتم)، وهذا يوحي بالتشبيه.

يقول: (لربنا عينان ناظرتان)، وإنما أوقعه في ذلك التوفيق بين صفة البصر ولفظ (العين) و (الأعين) المضافين إلى الله تعالى في نصوص القرآن، فجمع بينها بأن الإبصار يكون بالعينين. وهو تشبيه صريح، ولم يأت الجمع بين الأعين وصفة البصر في قرآن أو سنة. وكذا يقال في الجزم بتثنية العينين.

لكن يقال لمن يكفر من وقع في كلامه مثل ذا: إن هؤلاء لا يقرون بإلزاماتكم التي تلزمونهموها، ألا ترى أن القحطاني نفسه هو القائل:

لسنا نشبه ربنا بعباده = رب وعبد كيف يشتبهان

*الغلو في إثبات ما ورد في الضعاف والمناكير:

قال الدارمي: عبد الله بن خليفة قال أتت امرأة إلى النبي فقالت ادع الله أن يدخلني الجنة فعظم الرب فقال: "إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ومد أصابعه الأربع وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من يثقله." فهاك أيها المريسي خذها مشهورة مأثورة فصرها وضعها بجنب تأويلك الذي خالفت فيه أمة محمد ثم أنشأت أيها المريسي واعظا لمن اتعظ قبلك بمواعظ الله وقبلها عن الله وصدق فيها رسول الله وانتهى فيها إلى ما أمر الله فانزجر عما نهى الله

قلت: انظر غضبه على المريسي ماذا صنع به؟ أتاه بحديث يقف منه شعر الرأس ثم أعقبه باستشعار الغلبة والفلج، كأن الحديث قد كان سلاحًا ماضيًا كفاه في صرع خصمه. فهذا هو الذي أحققته لك في بداية مقالتي من أن ردة الفعل لها ما لها في الاشتطاط بالرجال.

قال الدارمي: وروى المعارض عن شاذان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال دخلت على ربي في جنة عدن شاب جعد في ثوبين أخضرين

وليس هذا من الأحاديث التي يجب على العلماء نشره وإذاعته في أيدي الصبيان فإن كان منكرا عند المعارض فكيف يستنكره مرة ثم يثبته أخرى فيفسره تفسيرا أنكر من الحديث والله أعلم بهذا الحديث وبعلته غير أني استنكرته جدا لأنه يعارضه حديث أبي ذر أنه قال لرسول الله رأيت ربك فقال نور أنى أراه ويعارضه قول عائشة رضي الله عنها من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية وتلت لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار

فهذا هو الوجه عندنا فيه والتأويل والله أعلم ..

قلت: فأنت ترى أن رده للحديث ليس من باب التشبيه بل من باب ورود أحاديث صحاح منعت الرؤية. والحديث لا يصح مطلقًا كما هو معلوم للمشتغلين بالحديث والعقائد.

* التساهل في قبول الآثار:

وقال القحطاني – رحمه الله - في نونيته التي رد فيها على الأشاعرة في حق الله تعالى، ونونيته أثنى عليها كثير من السلفية واستشرحوها ولحنوها بألحان كثيرة.

قال:

لله وجه لا يحد بصورة = ولربنا عينان ناظرتان

كرسيه وسع السموات العلا = والأرض وهو يعمه القدمان

قلت: لعله يشير إلى حديث ابن عباس: ((الكرسي موضع القدمين))، والحديث ورد في السنة لابن أبي عاصم وذكره الذهبي في (العلو) وصححه، لكنه ليس بمرفوع ولا بثابت قطعي الثبوت فضلاً عن إيهامه التشبيه الصريح. فلو أعرضوا عنه لما نقص الدين ولا اختلت العقيدة.

* الغلو في الرد على المخالفين: ووصف القحطاني الأشعرية فأفحش فيهم القول إذ قال:

والآن أهجو الاشعري وحزبه = وأذيع ما كتموا من البهتان

قراؤكم قد أشبهوا فقهاءكم = فئتان للرحمن عاصيتان

يتكالبان على الحرام وأهله = فعل الكلاب بجيفة اللحمان

أنا في كبود الأشعرية قرحة = اربو فأقتل كل من يشناني

عمري لقد فتشتكم فوجدتكم = حمرا بلا عن ولا أرسان

عطلتم السبع السموات العلا = والعرش اخليتم من الرحمن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير