تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما التخلي عن الخوض أن لله يدا وأصابع وأنه مستو على عرشه وأن الإستواء هو العلو، فهل نتخلى عن قراءة القرآن وصحيحي البخاري ومسلم؟ بل الذي فتح الموضوع ابتداء وأثار القضية هو الأخ مهند، وأخذ يساوي بين الحنابلة والأشاعرة، وهذا لا يجوز، والإنصاف عزيز، وقد ذكرت الفروقات بين الطرفين.

لست متعصبا لا لمذهب الحنابلة ولا لأعيانهم، لكن الحق أحق أن يُتبع، و نصوص الوحيين كلها تدل على صفات الرب جل جلاله التي لم تتفق مع أهواء الأشعرية، فأخذوا يلوون أعناق النصوص، تحسبا منهم أنهم ينزهون الله تعالى بذلك عن الشبيه، وعدلوا عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالإيمان بالصفات وإمرارها كما هي، من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل.

نعم الأمة بأمس الحاجة إلى الوحدة، لكني لم أفتح باب النقاش في هذه القضية -المؤلمة- ولكن فتحه الأخ مهند، ولا بد من بيان الحق، فأسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا لطريقة أحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم، فهم خير الناس، كماا صح عنه عليه الصلاة والسلام ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)).

والذي لم أفهمه هو قولك: "أخي إن شاء الله كلها في الجنة إلا واحدة"!

هذا الحديث رواه الإمام أحمد، وابن أبي الدنيا، وأبو داود، والترمذي، وابن حبان، والحاكم، وصححوه، ورواه غيرهم أيضًا. رووه عن عوف بن مالك، ومعاوية، وأبي الدرداء، وابن عباس، وابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وواثلة، وأبي أمامة، وغيرهم بألفاظ متقاربة.

والرواية الصحيحة: ((كلها في النار إلا واحدة)). وأما رواية: "كلها في الجنة إلا واحدة" فهي موضوعة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وإليك ما قاله العلماء في ذلك:

قال الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء":

((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار)). رواه ابن أبي الدنيا عن عوف بن مالك. ورواه أبو داود، والترمذي، والحاكم، وابن حبان، وصححوه، عن أبي هريرة، بلفظ: ((افترقت اليهود على إحدى ـ أو اثنتين ـ وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة)). قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)). ورواه الشعراني في "الميزان" من حديث ابن النجار. وصححه الحاكم بلفظ غريب وهو: ((ستفترق أمتي على نيِّف وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا واحدة)). وفي رواية عند الديلمي: ((الهالك منها واحدة)). قال العلماء: هي الزنادقة. وفي هامش "الميزان" المذكور عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: ((تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا واحدة، وهي الزنادقة)). وفي رواية عنه أيضًا: ((تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، إني أعلم أهداها: الجماعة)) انتهى. ثم رأيت ما في هامش "الميزان" مذكورًا في تخريج أحاديث "مسند الفردوس" للحافظ ابن حجر، ولفظه: ((تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا واحدة، وهي الزنادقة)). أسنده عن أنس. قال: وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن أنس، بلفظ: ((أهداها فرقةً: الجماعة)). انتهى. فلينظر مع المشهور. ولعل وجه التوفيق أن المراد بأهل الجنة في الرواية الثانية ـ ولو مآلا ـ فتأمل. وفي الباب عن معاوية، وأبي الدرداء، وابن عمرو، وابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وواثلة، وأبي أمامة. ورواه الترمذي عن ابن عمرو بلفظ: ((ستفترق أمتي ثلاثًا وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)). قيل: ومن هم؟ قال: ((الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي)). ورواه ابن الجوزي في كتاب "تلبيس إبليس" بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير