تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[12 Sep 2008, 11:25 م]ـ

نقلاً عن صحيفة عكاظ:

الشيخ الدَّدَوْ

......

لكنَّ الوارد في حديث الافتراق: (كلها في النار إلا واحدة)؟

- بالنسبة لهذه الزيادة في الحديث (كلّها في النار إلا واحدة) والزيادة الأخرى (كلّها في الجنة إلا واحدة) ما أظنها تصحّ، لأنَّ الحديث له طرقٌ كثيرةٌ، وقد صحح كثيرٌ من أهل العلم الحديث بمجموع هذه الطرق، فجعلوا الحديث صحيحاً لغيره، وبعضهم جعله حسناً لغيره بأصله، والزيادات لا يمكن أن يحصل لها هذا، لأنّ حكم التصحيح للغير يقع فيما تكرر في كل روايةٍ، فالطرف المتكرر في كل روايةٍ هو الذي يمكن أن يصحح فيكون صحيحاً لغيره، أما ما أفردت فيه الزيادة فلا يدخل في الصحة، ولذلك نقول: إنّ أصل الحديث وهو ثبوت الافتراق صحيح، والزيادات كلها تترك.

جرّنا الكلام إلى هذا الحديث الشريف .. حديث الافتراقِ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)، وكما تفضلتم ورد في روايات معاوية وأنس رضي الله عنهما زيادة: (كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)، وفي رواية عبد الله بن عمرو: (كلها في النار إلا واحدة قيل: ما هي؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).

نسيتُ التعليق على رواية: (كلُّها في الجنة إلا واحدة)، هذه الرواية موضوعة. وبذلك يتبيّن لنا أنّ أصل الحديث صحيحٌ، وكل الزيادات إما موضوعة أو ضعيفة، فالزيادات التي تقول: (كلها في الجنة إلا واحدة) موضوعة على الراجح، والزيادات التي تقول: (كلها في النار إلا واحدة) ضعيفة، وأما الإخبار بالافتراق فهو أصل يقوى بالشواهد، وليس هناك رواية واحدةٌ يعتمد عليها.

الأسوأ في الافتراق

مع هذا الأصل الثابت كما تفضّلتم، كيف يمكن أن نتصور أنَّ هذه الأمة المحمدية التي هي أمة مرحومة ومفضلة على سائر الأمم والتي هي شطر أهل الجنة، كيف يمكن أن نتصور أن تكون أسوأ من اليهود والنصارى في الافتراق؟

- الافتراق ليس عيباً هنا، والإخبارُ بافتراق اليهود إذا كان هذا قبل نسخ ملتهم ليس عيباً، ومثل ذلك النصارى.

وأمّا هذه الأمة فقد شرَّفها الله، وأثنى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عليها بأفضل الثناء، ودلَّت النصوص على أنها ستكون أكبر الأمم كما ثبت في صحيح البخاري عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)، ومثل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قوله: خرج علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوما فقال: (عرضت علي الأمم، فجعل يمرُّ النبيُّ معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي معه الرهط، والنبي ليس معه أحد، ورأيت سواداً كثيراً سدَّ الأفق، فرجوت أن يكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيت سواداً كثيراً سدَّ الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سواداً كثيراً سدَّ الأفق، فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب).

وقد نَصَّتْ تلك الأحاديث على الافتراق وحصول الخلاف لأن المواضع المحسومةَ بالنصوص على وجهٍ لا يقبل الخلاف قليلةٌ جدا ً، وما سوى ذلك يرجع فيه إلى الاستنباط والاجتهاد، وقد قال الله عز وجل: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 83]، ومن المعلوم أن عقول الناس متفاوتةٌ، وأن مداركهم متفاوتة، فإذا أحيلَ إلى عقولهم واستنباطهم دل ذلك على إمكانية الخلاف.

دخول النار

إذا قلنا بصحة زيادة (كلها في النار إلا واحدة)، فهل يقتضي هذا كفرها؟

- أنا لا أقولُ بصحة هذه الزيادة، أما دخول النار فليس ملازماً للكفر دائماً، فسيدخل النار عدد من المسلمين وهم الجهنميون.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير