تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والأصل أن الله حجب الجن عن أعين الإنس فلا يرى الإنسي الجني، فامتناع الإنس من رؤية الجن لقوله تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف: 27]، أي أن الإنسي لا يملك القدرة على رؤية الجني، ويستثنى من هذا الحكم الأنبياء والمرسلين، فقد وروى البيهقي في " مناقب الشافعي " بإسناده عن الربيع سمعت الشافعي يقول: (من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته، إلا أن يكون نبيا). انتهى

وقد اختلف أهل العلم في تفسير هذا القول اختلافا كثيرا، خاصة أن هناك شواهد من الكتاب والسنة تثبت أن هناك من رأوا الجن، والواقع يشهد بأن من المصابون بالمس والسحر من يرون الجن، والسحرة يرون الجن أيضا، ومنه ما يطلق عليه الأطباء تجاوزا مصطلح (هلاوس سمعية وبصرية)، وهذا قد يبدو لأول وهلة تعارضا بين النص السابق، وبين شواهد تجزم برؤيتهم حسب ما لدينا من نصوص وفيرة، والحقيقة أننا لدينا سوء فهم للنصوص، واللبس الذي حصل في المسألة أن هناك فارق بين إمكان رؤية الإنسي للجني، وبين إمكان الجني الانتقال من عالم الجن إلى عالم الإنس، أي قدرة الجني على الظهور في عالم الإنس، وهذا يعني أن للجن قدرة أو حيلة ما تمكن الإنسي أن يراه، وهذا ما سأوضحه في مستعرض شرحي بإذن الله تعالى، والرد على هذا له صلة وثيقة بعلم وظائف الأعضاء، والذي يدرسه الأطباء.

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن رؤية الأنبياء للجن تكون رؤية للجن على صورتهم التي خلقوا عليها، بينما رؤية غيرهم تكون بعد تصور الجن في صور بعض البشر أو الحيوانات، ولكن حسب علمي الخاص وما ورد أمامي من أدلة كثيرة لا مجال لحصرها خشية الإطالة، أن للجن صورا وأشكالا كثيرة، ولكن ما ثبت لي أن الأصل فيهم حسن الخلقة كالبشر تماما، هذا إلى جانب أن منهم أصناف حيات وكلاب وطيور فعن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجن على ثلاثة أصناف، فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون)، () وأرى والله أعلم أن هذا النص على سبيل المجاز لا الحصر، فقد علمنا بالتواتر أن هناك أصناف خلاف ما ورد في النص كالقطط مثلا، وإنما تغلب الصور القبيحة على الشياطين من الجن، إبرارا بقسم إبليس عليه لعائن الله، قال تعالى: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّه) (النساء: 119).

وإن كان الأصل امتناع رؤية الجن إلا أن هذه القاعدة لها استثنائات يطول بنا إيراد نصوصها، حيث ثابت إمكان تصور الجن وتشكله في صور مختلفة بحيث يتبدوا لنا، فلا نعلم كونهم من الجن، كما ظهر الشيطان للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأبي هريرة ولعمر رضي الله عنهما، لكفار قريش وخاطبهم وهم لا يعلمون حقيقة كونه الشيطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيتم منهم شيئًا)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة قال: (إن الشيطان عرض لي، فشد علي ليقطع الصلاة علي، فأمكنني الله منه فذعته، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان عليه السلام رب (هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) فرده الله خاسيا). ()

فهذا الحديث شاهد على إمكان ظهور الجن عيانًا بحيث يراه جميع الحضور، وغير ممتنع على إطلاقه، لقوله صلى الله عليه وسلم (حتى تصبحوا فتنظروا إليه) يفيد إمكان رؤيته من جميع البشر، فقد يرى المريض الجن في صورة أشباح وأشخاص أشكالهم مختلفة، مابين أشخاص معروفونلديه أحياءا وأمواتا، وصور الحيوانات المختلفة، أو وجوه قبيحة مفزعة، وهذا مما قد يثير الرعب والفزع لدى المريض، حتى أن كثير منهم شاب شعرهم رغم صغر سنهم وفي فترة وجيزة من شدة هول ما يرون.

كيف يرى الإنس الجن:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير