تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تجيء فتأخذ منه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا رأيتها فقل باسم الله أجيبي رسول الله، فأخذها فحلفت ألا تعود، فذكر ذلك ثلاثا فقالت: إني ذاكرة لك شيئا: آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره.» وفي حديث أبي أسيد الساعدي: أنه لما قطع تمر حائطه، جعلها في غرفة، وكانت الغول تخالفه فتسرق تمره وتفسده عليه، فذكر نحو حديث أبي أيوب سواء وقال في آخره: «وأدلك على آية تقرأها في بيتك فلا يخالف إلى أهلك، وتقرأها على إنائك فلا يكشف غطاؤه، وهي آية الكرسي، ثم حلت استها فضرطت»، وفي حديث زيد بن ثابت أنه: «خرج إلى حائطه فسمع جلبة فقال: ما هذا؟ قال: رجل من الجن، أصابتنا السنة، فأردت أن أصيب من ثماركم. قال له فما الذي يعيذنا منكم؟ قال: آية الكرسي».

وقد روى النسائي في اليوم والليلة عن إبراهيم بن يعقوب، عن عثمان بن الهيثم، من وجه آخر، عن أبي هريرة بسياق آخر قريب من هذا. قال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: إن أبا هريرة كان معه مفتاح بيت الصدقة، وكان فيه تمر، فذهب يوما ففتح الباب، فوجد التمر قد أخذ منه ملء كف، ودخل يوما آخر فإذا قد أخذ منه ملء كف، ثم دخل يوما آخر ثالثا، فإذا قد أخذ منه مثل ذلك، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «تحب أن تأخذ صاحبك هذا؟» قال: نعم، قال «فإذا فتحت الباب فقل سبحان من سخرك لمحمد» فذهب ففتح الباب فقال: سبحان الذي سخرك لمحمد، فإذا هو قائم بين يديه، قال: يا عدو الله، أنت صاحب هذا، قال: نعم، دعني فإني لا أعود، ما كنت آخذا إلا لأهل بيت من الجن فقراء، فخلى عنه، ثم عاده الثانية، ثم الثالثة، فقلت: أليس قد عاهدتني ألا تعود؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تفعل، فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها، لم يقربك أحد من الجن، صغير ولا كبير، ذكر ولا أنثى، قال له: لتفعلن؟ قال نعم، قال ما هن؟ قال: ?الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم? قرأ آية الكرسي حتى ختمها، فتركه فذهب فلم يعد، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما علمت أن ذلك كذلك»، وقد رواه النسائي، وقد روي لأبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضا، فهذه ثلاث وقائع.

في الحديث، يقول ابن حجر، فوائد كثيرة منها أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها وتؤخذ عنه فينتفع بها، وأن الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به، وأن الكافر قد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن، ولا يكون بذلك مؤمنا، وبأن الكاذب قد يصدق، وبأن الشيطان من شأنه أن يكذب، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته، وأن قوله تعالى: ?إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ? (الأعراف/27) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها، وأن من أقيم في حفظ شيء سمي وكيلا، وأن الجن يأكلون من طعام الإنس، وأنهم يظهرون للإنس لكن بالشرط المذكور، وأنهم يتكلمون بكلام الإنس، وأنهم يسرقون ويخدعون، وفيه فضل آية الكرسي وفضل آخر سورة البقرة، وأن الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة، ويحتمل أن يكون القدر المسروق لم يبلغ النصاب، ولذلك جاز للصحابي العفو عنه قبل تبليغه إلى الشارع، وفيه قبول العذر والستر على من يظن به الصدق، وفيه اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات، ووقع في حديث معاذ بن جبل أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمه بذلك، وفيه جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر وتوكيل البعض لحفظها وتفرقتها ...

********************

نلاحظ بعد قراءة هذه الأحاديث أنها تدور كلها حول قصة واحدة، لها سياق عام واحد، وحبكة سردية متشابهة، فهناك تمر وحارس وسارق، وطريقة خلاص السارق من الحارس هي آية الكرسي، لكن اختلف في بطلها، فمرة هو أبو هريرة وأخرى معاذ بن جبل وثالثة أبي بن كعب ورابعة أبو أيوب وخامسة أبو أسيد الساعدي أو زيد بن أبي ثابت، أما السارق فقد اختلف فيه أيضا من رواية لأخرى: فمرة هو رجل فقير ذو عيال أو شيخ كبير جائع، وأخرى هو دابة شبه الغلام المحتلم، وثالثة كائن غريب على صورة فيل، ورابعة غول، وخامسة رجل من الجن ... فإذا أقصينا حديث الغول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير