تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والدابة شبه الغلام المحتلم، يبقى الحديث الذي أورده البخاري أقرب إلى الواقع بالنسبة لنا، والتفسير الذي نسوقه هنا هو أن السارق قد يكون رجلا عمل عمل الشيطان، أي فتح بابا مغلقا وسرق زكاة رمضان من تمر الصدقة وكذب، ودخل مكانا دون أن يستأذن أهله، ولم يوف بما عاهد به، فهذه كلها أعمال الشياطين، لكن الذي قام بها إنسان، لا شيطان، لأن الشيطان لا يمكن رؤيته لقوله تعالى: ?إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم? (الأعراف/27)، ولأن شيطان/الجن ليس باستطاعته فتح باب مغلق أو كشف غطاء كما ورد في صحيح البخاري: عن جابر بن عبد الله ? رفعه قال: «خمروا الآنية، وأوكوا السقية، وأجيفوا الأبواب واكفتوا صبيانكم عند العشاء، فإن للجن انتشارا وخطفة، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد، فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت». أو كما ورد في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفئوا السراج فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابا ولا يكشف إناء»، والشيطان الذي في حديث أبي هريرة قد فتح الباب وسرق التمر وادعى ما ادعاه ... وهذه الأفعال، من كذب ونقض عهود وسرقة صدقة في رمضان، أفعال يقوم بها شياطين الإنس، وما يؤيد طرحنا أن شياطين الجن تصفد في رمضان، فقد ورد في الحديث: «إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين» (صحيح البخاري، وأخرجه مسلم في الصيام). وفي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين"، أي منعت من الوصول إلى بغيتها بالقدر الذي كانت عليه في غير رمضان: فإذا كانت "شياطين الجن" لا تستطيع فتح الأبواب المغلقة، ولا كشف الأواني المغطاة، فضلا عن كونها تصفد بسلاسل قوية في شهر رمضان، فكيف انفلت الشيطان المذكور في حديث أبي هريرة وفعل كل ما فعل؟

ـ[ابو دعاء]ــــــــ[06 Jun 2009, 06:16 م]ـ

شياطين الجن:

شياطين الجن قسمان، قسم يتكلف بالبشر، وآخر مختص في الجن، رغم أنه منهم، ?وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ? (الأنعام/112)، وشياطين الجن كلها من نسل إبليس وقبيله، يسلطها على الإنس كما يسلطها على الجن، لأن الجن أيضا منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، فقد روي عن ابن عباس، بإسناد ضعيف، أنه قال: مع كل جني شيطان ومع كل إنسي شيطان. (تفسير القرطبي)، وقيل إن إبليس يوسوس في صدور الجن كما يوسوس في صدور الناس، ومعنى ?من شر الوسواس? أي الوسوسة التي تكون من الجنة والناس وهو حديث النفس. (تفسير القرطبي كما أورده الشوكاني في فتح القدير).

لقد أمر الله نبيه بدفع شر شيطان/الجن بالاستعاذة منه فقال: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم.? (الأعراف/200) ثم قال: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم.? (فصلت/36) فأكد بإنّ وبضمير الفصل وأتى باللام في السميع العليم وقال في الأعراف: ?إنه سميع عليم?، وسر ذلك، أنه حيث اقتصر على مجرد الاسم ولم يؤكده أراد إثبات مجرد الوصف الكافي في الاستعاذة، والإخبار بأنه سبحانه يسمع ويعلم، فيسمع استعاذتك فيجيبك، ويعلم ما تستعيذ منه فيدفعه عنك، فالسمع: لكلام المستعيذ، والعلم: بالفعل المستعاذ منه. وبذلك يحصل مقصود الاستعاذة وهذا المعنى شامل للموضعين.

وحكمة الاستعاذة من شيطان/الجن، الذي نعلم بوجوده ولا نراه، أن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، فهو لا يقبل رشوة أو هدية، ولا يؤثر فيه جميل أو معروف، بل هو شرير بالطبيعة، ولا يكفه عن الإنسان إلا الذي خلقه.

حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده، قال: هذا يطول، أرأيت لو مررت بغنم فنبحك كلبها ومنعك من العبور ما تصنع؟ قال أكابده وأرده جهدي، قال: هذا يطول عليك، ولكن استغث بصاحب الغنم يكفه عنك، لهذا فالاستعاذة في القراءة والذكر أبلغ في دفع شر شياطين الجن التي تكون عن طريق الخواطر والأفكار والوساوس الداخلية.

ـ[ابو دعاء]ــــــــ[06 Jun 2009, 06:17 م]ـ

الشيطان ينقسم إلى قسمين:

ـ شيطان/إنسي وهو خارج الإنسان ومن جنسه لكنه يفعل "أفعال" الشياطين بدعوته إلى الشر.

ـ وشيطان/جني، يبدو أنه من غير جنس الإنس (أو حتى الحيوان بإطلاق) لكنه يؤثر فيه من خلال أفعاله التي هي "شيطانية" بالطبيعة.

الشيطان إذن مُصادر للخير، له أفعال طبيعتها تتميز بالسوء والشر، فإذا استعار الإنسان هذه الأفعال أصبح شيطانا، فشيطان الإنس هو شيطان من حيث أفعاله لا من حيث ماهيته، بينما شيطان الجن (بل الجن عموما) يختلف عنا من حيث الماهية.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير