تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ان المتتبع لسيرة مترجمنا يتعجب من تلك الهمة العالية و الإصرار الكبير على طلب العلم، فقد أنعم الله عليه بفضل حب العلم و ملاقاة الشيوخ، وقد رأينا كيف طاف البلدان في مشارق الأرض و مغاربها التقى خلالها و أخذ عن 365 شيخا، ولو أنه سمع بآخرين لقصدهم، وقد ذكر عدتهم في مقدمة كتابه " الكامل في القراءات " فقال ما نصه: " فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب فرغانة يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته "

لم يسم أبو القاسم جميع شيوخه في كتابه، ولم ينسب كل من ذكره نسبة تامة، بل اقتصر على ذكر أسماء جملة منهم بشكل مختصر قد تصل إلى ذكر اسم الشهرة أو الكنية أو النسبة، مما جعل أمر نسبتهم و التعرف عليهم ليس بالأمر الهين.

وهو أمر أقر به الإمام الحافظ الذهبي إذ قال حين ذكر شيوخه: " إنما ذكرت شيوخه، وإن كان أكثرهم مجهولين، ليعلم كيف كانت همة الفضلاء في طلب العلم ".

وقد أورد الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري في كتابه ((النشر في القراءات العشر)) 122 شيخا بأسمائهم مع ذكر المدن و الأماكن التي أخذ فيها عنهم مع تعاليق له وفوائد -

وقد أحصى د. مصطفى عدنان الدليمي ود. عمار أمين الددو – حفظهما الله – لما حققا كتاب " العدد" وهو أحد الكتب التي اشتمل عليها كتاب: "الكامل في القراءات الخمسين". مائة و إثنين واربعين (142) شيخا أوردوهم كلهم مع ترجمة مختصرة لكل واحد مهم.

علمه وجلوسه للتدريس:

أشتهر أبو القاسم الهذلي في علم القراءات، وسماعها وبرع فيها حتى أصبح مرجعا لا يستغنى عنه فيها، غير أن علمه لم يقتصر على القراءات فقط بل عرف عنه بأنه كان محدثا بارعا و إن لم يبلغ مبلغ الحفاظ الكبار، فقد سمع الحديث الشريف رواية ودراية أيضا من كبار حفاظه كالحافظ أبي نعيم الاصبهاني، وأبي بكر احمد بن منصور بن خلف.

كما كان مقدما في علمي النحو و الصرف، يدرس النحو ويفهم الكلام والفقه، عارفا بالعلل مواظبا على حضور دروس ابي القاسم القشيري في النحو ويأخذ منه الأصول وكان القشيري يراجعه في مسائل النحو والقراءات ويستفيد منه.

ونظرا للمكانة التي بلغها بين العلماء بما اكتسبه من سعة العلم و علو الكعب في علم القراءات فقد عينه الأمير نظام الملك في المدرسة النظامية بنيسابور التي بقي مدرسا بها للقراءات و العلل ثماني سنوات (من سنة 458 هـ إلى ان توفي سنة 564 هـ).

جاء في (كتاب تكملة الكمال لابن نقطة: 2/ 23):" ذكر عبد الغفار الفارسي أن نظام الملك أرسله [أبو القاسم الهذلي البسكري] إلى مدرسة نيسابور فقعد سنين وأفاد وكان مقدما في النحو والصرف وعلل القراءات .. ". وانظر أيضا هامش (الكمال لابن ماكولا 2/ 45 تحقيق المعلمي).

وهذه الثقافة الموسوعية، و قوة الحجة و سعة العلم هي التي جعلت العلماء يأخذون ويقتبسون من علمه ويستفيدون من كتبه، فقد اعتمد عليه الحافظ ابن الجزري في كتابيه (غاية النهاية في طبقات القراء) و (النشر في القراءات العشر) اعتمادا كبيرا ونقل عنه الكثير، ونصوصه موجودة في الكامل.

كما اعتمد عليه الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه (طبقات القراء)، ونقل من كتابه الكامل الكثير من تراجم وأسماء الشيوخ.

تلاميذه:

لقد أستفاد من ثقافة وعلم هذا الإمام المقرئ المجود المحدث النحوي الأديب خلق لا يعد و لا يحصى سواء أثناء رحلاته أو أثناء جلوسه للتدريس في المدرسة النظامية، لذا لا سبيل لحصر تلامذته لكثرتهم وهذا ذكر لأربعة من أشهرهم مع ترجمة مختصرة لهم:

- سهل بن محمد بن أحمد بن حسين بن طاهر أبو علي الإصبهاني الحاجي (ت 543 هـ): " شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيّر، مبارَك.

سمع: أبا القاسم يوسف بن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وسليمان بن ابراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي.

وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: ولد بعد سنة خمسين وختم خلقاً كثيراً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير