[يوم عاشوراء ...]
ـ[شعاع]ــــــــ[15 Dec 2010, 05:09 م]ـ
http://img687.imageshack.us/img687/7626/543e.gif (http://img687.imageshack.us/my.php?image=543e.gif)
http://img826.imageshack.us/img826/9013/67716386.gif (http://img826.imageshack.us/my.php?image=67716386.gif)
يوم عاشوراء في التاريخ
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ? يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فُرِضَ رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه) أخرجه البخاري ومسلم (1).
* * *
الحديث دليل على أن أهل الجاهلية كانوا يعرفون يوم عاشوراء، وأنه يوم مشهور عندهم، وأنهم كانوا يصومونه، وكان النبي ? يصومه - أيضاً -، واستمر على صيامه قبل الهجرة، ولم يأمر الناس بصيامه، وهذا يدل على قدسية هذا اليوم وعظيم منزلته عند العرب في الجاهلية قبل بعثة النبي ?، ولهذا كانوا يسترون فيه الكعبة، كما في حديث عائشة - أيضاً - رضي الله عنها، قالت: (كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تُسْتَرُ فيه الكعبة … الحديث) أخرجه البخاري (2)، قال القرطبي: (حديث عائشة يدل على أن صوم هذا اليوم كان عندهم معلوم المشروعية والقدر، ولعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل - صلوات الله وسلامه عليهما - فإنهم كانوا ينتسبون إليهما، ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما …) (3).
والذي يستفاد من مجموع الأدلة أن صوم عاشوراء كان واجباً في أول الأمر بعد هجرة النبي ? إلى المدينة، على الصحيح من قولي أهل العلم (4)، لثبوت الأمر بصومه، وعن سلمة بن الأكوع ? قال: (أمر النبي ? رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء) متفق عليه (5).
ولما فرض رمضان في السنة الثانية من الهجرة نُسِخَ وجوبُ صومِ عاشوراء، وبقي الاستحباب، ولم يقع الأمر بصوم عاشوراء إلا في سنة واحدة، وهي السنة الثانية من الهجرة حيث فرض عاشوراء في أولها، ثم فرض رمضان بعد منتصفها، ثم عزم النبي ? في آخر عمره - في السنة العاشرة - على ألا يصومه مفرداً بل يصوم قبله اليوم التاسع، كما سيأتي - إن شاء الله - وهي صورة من صور مخالفة أهل الكتاب في صفة صيامهم.
http://img838.imageshack.us/img838/1253/30583342.gif (http://img838.imageshack.us/my.php?image=30583342.gif)
الترغيب في صيام يوم عاشوراء
عن أبي قتادة ? أن رسول الله ? سئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: (يكفر السنة الماضية) وفي رواية: (… وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) أخرجه مسلم (6).
* * *
الحديث دليل على فضل صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، على القول الراجح والمشهور عند أهل العم.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: (ما علمت أن رسول الله ? صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر، يعني رمضان) متفق عليه (7).
فينبغي للمسلم أن يصوم هذا اليوم، ويحث أهله وأولاده على صيامه، اغتناماً لفضله، وتأسياً بالنبي ?.
وعن جابر بن سمرة ? قال: (كان رسول الله ? يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عليه … الحديث) أخرجه مسلم (8).
والصيام من أفضل الأعمال عند الله تعالى، ومن فوائد صوم التطوع - إضافة إلى ما رُتِّب عليه من الأجر - أنه كغيره من التطوعات يجبر ما عسى أن يكون في أداء الفرض من نقص أو تقصير، وفي ذلك قال النبي ? في شأن الصلاة: (قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فَيُكَمَّلُ بها ما انْتَقَصَ من الفريضة، ثم يكون سائر عمله كذلك) (9).
كما أن صوم النفل يهيئ المسلم للترقي في درجات القرب من الله تعالى، والظفر بمحبته، كما في الحديث القدسي: (ما تَقرَّب إليّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلىّ بالنوافل حتى أحبَّه … الحديث) (10).
وأعلم أن كل نص جاء فيه تكفير بعض الأعمال الصالحة للذنوب، كالوضوء وصيام رمضان وصيام يوم عرفة، وعاشوراء وغيرها، أن المراد به الصغائر، لأن هذه العبادات العظيمة، وهي الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إذا كانت لا تُكَفَّر بها الكبائر - كما ثبت في السنة -، فكيف بما دونها من الأعمال؟
ولهذا يرى جمهور العلماء أن الكبائر كالربا والزنا والسحر وغيرها، لا تكفِّرها الأعمال الصالحة، بل لا بد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق به حد.
فعلى المسلم أن يباد بالتوبة في هذه الأيام الفاضلة من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، لعل الله تعالى أن يتوب عليه ويغفر ذنبه، ويقبل طاعته، لأن التوبة في الأزمنة الفاضلة لها شأن عظيم، فإن الغالب إقبال النفوس على الطاعات، ورغبتها في الخير، فيحصل الاعتراف الذنب، والندم على ما مضى، لا سيما ونحن في بداية عام جديد، وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان.
(1) صحيح البخاري (2002) ومسلم (1125).
(2) أخرجه البخاري (1952).
(3) المفهم (3/ 190).
(4) الفتاوى (25/ 311).
(5) صحيح البخاري (2007) ومسلم (1135)، وله شاهد من حديث الرُّبَيِّع بنت معوِّذ عند البخاري (1960) ومسلم (1136) وشواهد أخرى عند أحمد وغيره.
(6) صحيح مسلم (1162) (196) (197).
(7) صحيح البخاري (2006) ومسلم (1132).
(8) صحيح مسلم (1128).
(9) رواه الترمذي بتمامه (413) عن أبي هريرة ? مرفوعاً، وقال: (حديث حسن) لكن فيه حُريث بن قبيصة أو قبيصة بن حريث، وهو ضعيف، ولعل الترمذي حسنه باعتبار طرقه.
(10) رواه البخاري (6502).
¥