تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النساء في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم حيًّا وميتًا،

ـ[عاطف الجراح]ــــــــ[24 Nov 2010, 09:33 ص]ـ

لم يكن السمع والطاعة قاصرًا على الصحابة فحسب بل ضرب النساء الصحابيات بسهم وافر في هذا الخير العظيم فقدمن -رضي الله عنهن- قوله صلى الله عليه وسلم على قولهن ورأيه على رأيهن، ولم يجدن في أنفسهن حرجًا مما قضي به وسلموا بأمره تسليمًا، فمن ذلك ما رواه أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ» ([1])

وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَقْنَ أَكْنَفَ مُرُوطِهِنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا» ([2])

والعجيب أن ترى المسلمات اليوم يَجُبْنَّ الشوارع ذاهبات آيبات كاسيات عاريات يحاربن الحجاب، ويراوغن رسولهن صلى الله عليه وسلم فليس ثم إجابة لأمره، أو طاعة له، وهن -والله- الخاسرات، ولكن على الجانب الآخر المشرق هناك اليوم نساء عابدات طاهرات، مقرَّات في بيوتهن فنسأل الله أن يكثر من أمثالهن.

وفي أمر مهِمٍّ من أمور النساء ألا وهو الزواج واختيار شريك الحياة قدمن رضي الله عنهن رأيه صلى الله عليه وسلم على رأيهن واختياره على اختيارهن، فمن ذلك ما رواته فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قالت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي فَآذَنَتْهُ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ بْنُ صُخَيْرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ وَلَكِنْ أُسَامَةُ فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا أُسَامَةُ أُسَامَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ قَالَتْ فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ بِهِ» ([3])

وعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا فَأَتَيْت امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ قَالَ فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا فَقَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ وَإِلَّا فَأَنْشُدُكَ كَأَنَّهَا أَعْظَمَتْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا» ([4])

وكان يستوي في تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم البعيد والقريب، بل كانت جميع المسلمات قريبًا منه، فهو بمثابة أبيهم العطوف بهم والحاني عليهم، فهذه فاطمة ابنته صلى الله عليه وسلم تمتثل لأمره وإن كان فيه مشقة بها، فقد ذهب عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هو وفاطمة يسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا فقال رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فَاطِمَةَ جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمًا يَقِيهَا حَرَّ مَا هِيَ فِيهِ قَالَ اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةُ وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبِّرِي أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ مِائَةٌ فَهِيَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير