[عرض كتاب: (اليقيني والظني من الأخبار: سجال بين أبي الحسن الأشعري والمحدثين) للشيخ حاتم الشريف]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 Dec 2010, 04:32 ص]ـ
الحمد لله وحده ..
أصل هذا الكتاب النفيس هو بحث قدمه الشيخ لمؤتمر أبي الحسن الأشعري الذي أقيم أواخر الربيع الماضي بالقاهرة، وكان شيخنا هو صاحب البحث السلفي الوحيد الذي قدم في المؤتمر، وأثار ببحثه عاصفة من الانتقاد الأشعري واجهها الشيخ بهدوء ورصانة أوجبت اعتذار شيخ الأزهر والدكتور حسن الشافعي له عن حدة ما وجه إليه من كلام غير علمي ..
وهذا عرض لبعض مقاصد البحث ونتائجه إغراء بقراءة هذا البحث الأنموذج في تحرير المقالات ..
يقول شيخنا: ((فإن من أكثر سجالات الفكر الشرعي على مرّ القرون الإسلامية شيوعًا وتشعُّبًا وطولا: مسائل الاحتجاج بالأخبار؛ لأنها متعلّقة بالمصدر الثاني من مصادر التشريع , وهو السنة النبويّة المشرّفة.
وعلى كثرة ما كُتب في علوم السنة من مصنفات مفردة وأبواب وفصول ومباحث , فهي علمٌ قائمٌ بذاته من العلوم الإسلامية السامية = إلا أن مجال البحث والتنقيب عن أسرار علومها ما زال قائما.
ومن المسائل المتعلّقة بالأخبار والتي شغلت المنهج الحديثي والفكر الأصولي والبحث الكلامي قضايا القطعي والظني في السنة النبوية , وأقسامِ السنة باعتبارهما , وطريقةِ تمييز الخبر بأحدهما عن الآخر. بل لقد كانت هذه المسألة مثار معارك علمية , أثّرت (وما زالت تؤثر) على الساحة الشرعية أعظمَ الأثر وأعمقه. بل لا أبالغ إن قلت: إن هذه المسألة كانت مفترقَ طرق لطوائف المسلمين , باختلاف أنواعها وأسباب افتراقها.
ولذلك أحببت أن أسهم بدارسة جانب من جوانب هذا الموضوع , بتسليط الضوء على مواقف الاتفاق والافتراق بين منهج الإمام أبي الحسن الأشعري ومنهج المحدّثين في التفريق بين اليقيني والظني من الأخبار وفي منهجهم في الاحتجاج بهما. فقد عُرفت مدرسة الإمام أبي الحسن بمنهجه الكلامي الخاص , وعُرف المحدثون بمنهجهم النقدي الخاص للسنة النبوية , فهل بين منهجيهم في موضوع اليقيني والظني من الأخبار مواطن اتفاق وافتراق)).
وقد عرض الشيخ بحثه في فصول أذكرها وألخص أهم ما تحتها:
- الفصل الأول: حجية السنة بين الإمام أبي الحسن الأشعري والمحدثين.
قال الشيخ: ((اتفقت الأمة كلها على حجية السنة إجمالا: محدثوها ومتكلموها , وأنها هي المصدر الثاني للتشريع مع القرآن الكريم. هذا ما لا خلاف في مجمل تقريره بين أهل العلم جميعهم؛ لقيام الأدلة القاطعة عليه: من اقتضاء الشهادتين له , ومن الدلالة القطعية للقرآن إليه , ومن وقوع الإجماع المتيقَّن عليه.
وقال أبو الحسن ابن القطان الفاسي (ت628ه) في (الإقناع في مسائل الإجماع): «وأجمعوا على التصديق بما جاء به رسول الله صل1 في كتاب الله تعالى، وما ثبت به النقل من سائر سُننه، ووجوب العمل بمحكمه، والإقرار بنصّ بمتشابهه، وردّ كل ما لم نُحط به علمًا بتفسيره إلى الله تعالى، مع الإيمان بنصّه)).
فمن اللطيف بعد هذه الإجماعات أن يكون هذا الإجماع الذي نقله ابن القطان هو نفسُه نصَّ كلامِ الإمام أبي الحسن الأشعري , استفاده ابن القطان منه , فنقله عنه مقرًّا بأنه أمرٌ مما أجمع عليه أئمة المسلمين. ليتأكّد بذلك أن الإمام أبا الحسن الأشعري لم يخالف أئمة الإسلام في هذا الإجماع القطعي المتعلّق بحجية السنة وبمصدرِيّتِها بين مصادر التشريع الإسلامي. حيث قال الإمام أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر: «وأجمعوا على: التصديقِ بجميع ما جاء به الرسول صل1 في كتاب الله , وما ثبت به النقل من سائر سننه , ووجوبِ العمل بمُحْكَمِه , والإقرارِ بنصِّ مُشْكِلِه ومتشابهه , وردِّ كلّ ما لم يُحَطْ به عِلْمًا بتفسيره إلى الله , مع الإيمانِ بنصِّه , وأن ذلكلا يكون إلا فيما كُلِّفُوا الإيمانَ بجملته دون تفصيله)).
ويدل هذا التقرير على أمور:
1 - التسليم للسنة محكمها ومتشابهها.
2 - لم يشترط التواتر للثبوت.
3 - أن التفويض (التسليم) لا يكون إلا قي المجملات , التي لا تدخل في تفاصيل العلمي والعملي (العقائد والفقه).
وبذلك يتبيّن: أن الإمام أبا الحسن الأشعري كان في باب الإيمان بالسنة مصدرًا من مصادر التشريع , مع القرآن الكريم = كبقية أئمة الإسلام.
¥