[لماذا قرعت أجراس الكنائس لحظة خروج جنازة"أحمد الازايدة" من المسجد؟؟]
ـ[محمد عادل عقل]ــــــــ[23 Nov 2010, 12:24 م]ـ
لم تسكت الاجراس حتى وُري الثرى
عمان-محمد عادل عقل
كان زميلي في العمل المهندس "موفق" فرحا على غير عادته ذات صباح، ومعروف عنه العبوس شبه الدائم والجدية غير المبررة في كثير من الاحيان.
سأله بعض الفضوليين عن سر الانبساط الظاهر على محياه فاجابهم: لقد ورثت اليوم أمي وحكمت لي المحكمة حسب الشريعة الاسلامية في توزيع الميراث.
سألته: أليس عندكم ما يقضي بتوزيع الإرث؟،فرد على الفور: لا.
زميلنا في العمل من نصارى الاردن، من مدينة الفحيص غرب العاصمة، درس في روسيا إبان الحقبة الاشتراكية، وتزوج واحدة من بناتها، وانتسب للحزب الشيوعي الاردني ..
يعني هو نصراني الديانة، الحادي الفكر، يلجأ الى الفقه الاسلامي لتصريف اموره لعدم وجود ما ينظم حياتهم فيما يسمونه"الانجيل".
عرفت لاحقا ان سبب فرحه هو حرمان اخته وزوجها من حصتها الكاملة في الميراث حيث ان مرجعياتهم الدينية تعمل على تقسيم الارث بالتساوى بين الذكر والانثى بغض النظر عن أصله او فرعه.
والمحاكم الشرعية الاسلامية لا تمنع النصارى من التقاضى اليها في مسائل الاحوال الشخصية التي تستند الى الشريعة الاسلامية.
اما الزميل"أسعد" من نصارى فلسطين فحكايته مختلفة اذ جاءني يوما وكلمني على انفراد معترفا لي أن والده لم يترك رمضانا في حياته دون ان يصومه وهو ملتزم بذلك في كل الظروف والاحوال لكنه يفعل ذلك بسرية تامة خشية ايذائه من مرجعياتهم الدينية.
قلت له: لعل والدك مسلم.
ابتسم ولم يرد، كررت عليه السؤال مرارا فلم يجب، فقلت في نفسي: لعل والده مسلم ولكنه يخشى العواقب.
وحدثني جار لي مؤكدا انه رأى قسيسا يصلي صلاة المسلمين على ظهر ديره في مدينه اريحا في الجانب المحتل من غور الاردن.
وأسرّ لي مهندس نصراني اشترى من مؤسستي محطة لتنقية المياه المنزلية عدم ارتياحه في التعامل التجاري الا مع مسلمين ملتزمين"شيوخ"حسب قوله,
ولما سألته عن السبب: قال لي انهم لا يغشون رغم انني اتعرض لذلك منهم احيانا
قلت: طالما ان فيهم من غشك فلم تتعامل معهم
قال: لأن البقية الباقية تغش بنسبة 100%.
وتأكيدا على صدق اقواله كان يوصي معارفه بالتعامل مع مؤسستي واشترى منها نصارى من الزرقاء والفحيص: احد معاقل نصارى الاردن، وجرش، ومأدبا المعقل الاكبر لهم، اضافة للعاصمة عمّان.
الكاتب الصحفي الساخر يوسف غيشان من نصارى مأدبا جنوب العاصمة أسلم ليتزوج من فتاة مسلمة، وقصته مشهورة في الوسط الصحفي.
ومدينة مأدبا هذه يوجد فيها اكبر نسبة من نصارى الاردن ومشهوره بكنائسها وآثارها ... ومادبا من اكثر المدن تمردا على العرف السائد في الديانة النصرانية ... ففيها من يسمي ابنه باسم "محمد",ومنها زعيم حزب يساري مشهود له بتعاونه مع الاسلاميين وابرام التحالفات الانتخابية معهم لدرجة ان بعض متعصب النصارى يسمونه محمد سالم النحاس .. اعتراضا منهم على تعاونه مع الاسلاميين.
اما حكاية عشق أهل مأدبا للمسلمين فبدأت مع أول رئيس بلدية مسلم وهو المهندس احمد قطيش الازايدة-رحمه الله رحمة واسعة-
وكان من المعروف ان المسلمين لا ينجحون في انتخابات رئاسة البلدية كونهم اقلية مقارنة مع النصارى، ولما كسر المهندس الازايدة القاعدة، كانت بالنسبة للمسلمين والنصارى فتحا مبينا ..
من المعروف ان رؤساء البلديات يعتمدون على العشيرة في الوصول الى مناصبهم وبالتالي فالخدمات لا تقدم الا لمن انتخبه او لابن عشيرته او لمعارفه واصدقائه فلما جاء الازايدة وهو الذي تربى في مدرسة الامام حسن البنا رحمه الله، أراهم ما لم يتوقعوه .. فكان العدل في توزيع الخدمات على الجميع، وكان يسعى في حاجات الناس بنفسه، وكان يرعى النصراني كما يرعى المسلم، وكان يتفقد المرضى واصحاب الحاجات الخاصة من النصارى كما يرعاها من المسلمين.
¥