تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ليس بإمكاناتنا نعرف .. بل بخياراتنا]

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[24 Dec 2010, 09:06 ص]ـ

[ليس بإمكاناتنا نعرف .. بل بخياراتنا]

هذه عبارة مترجمة عن حوار في أحد الأفلام الغربية!!!! استوقفتني وشعرت أني يجدب التمعّن بها كثيرا, وهكذا فعلت.

كل منّا لديه قدرات وفعاليات بشكل من الأشكال, وبها تحدد كثيرا من صفاتنا, البعض إمكاناته تظهر عضليا وآخرون يملكون المهارة الحرفية, وهناك من تمكّن من علوم عصره, وهناك من يتمتع بموهبة القيادة وتحريك الآخرين, وكلّنا نملك شيئا من الإمكانات ولكن بنسب متفاوتة ولحد بعيد, من هنا كانت عملية المقارنة والتفضيل, يا ترى!! هل نقيّم الآخرين وفق معايير واضحة عادلة موضوعية؟؟؟؟ , أم أن للنوازع الأنانية السلطة العليا في هذا التقييم؟؟؟.

لنكن من الشجاعة وننسى حبّ الذات قليلا ولنصدق في الإجابة, هل نظهر إمكاناتنا على حقيقتها أم يوجد عامل خفيّ وقويّ يدفعنا للتضخيم والتظاهر؟؟؟ , فلنفرض أن أحدنا تقدم لمقابلة عمل وقد أعّد (السيرة الذاتية) حيث تظهر جميع مهاراته ليتمكن من الفوز من بين جميع المتقدمين, هل نضمن أن يكون غير منحاز لنفسه فبالغ ولو قليلا في تعظيمها؟؟؟؟.

وهل حدث يوما أن أظهرنا على الآخرين, أقلّ كثيرا مما نملك؟؟؟؟ , فلو دعينا للتبرّع لمصلحة فقراء ومساكين, هل نقدم بما يتناسب وإمكاناتنا؟؟؟؟.

صراحة وصدقا ... الجواب واضح صريح ..... لا ولا!!!!!.

إذن ليست إمكاناتنا ما يعرّفنا بين الآخرين, ومن السذاجة قبول الآخر وفق هذا المعيار, في حقيقة الأمر, خياراتنا من يظهرنا وبصدق!!!!!.

فلنفرض أن شابان يحملان مؤهلا علميا واحدا, عمرهما متماثل ويسعيان لعمل يفتح أمامهما المستقبل, فهما في بداية الدخول لمعترك الحياة ويحتاجان الكثير والكثير, ومن بين فرص العمل النادرة والمتاحة, قرر أحدهما العمل في نادي ليلي فالراتب قليل لكن (البقشيش) سخي جدا, لكن الآخر لم يندفع لها العرض, فتمسك بمزيد الصبر كي يبعد نفسه عن مواطن السوء, فهو لا يزال شابا متحمسا متفائلا وبعض التأني لن يضره أبدا, والأن قد رضي بعمل شريف بسيط, لكن التميّز والاتقان يضمنان له سرعة التقدم نحو الأفضل.

إذا أردنا تقييم كل منهما وفقا لخياره ماذا نصف الأول؟؟؟ , هل نقول أنه أكثر إقداما وشجاعة, أو أكثر طموحا وادفاعا؟؟؟ , أم أن حماسه هذا فتح أمامه بابا للمخاطر والتهلكة, فحياة الليل لا تخفى مفاسدها على أحد, ألا يمكننا القول أنه لا يأبه للمعيار الديني ولا للمعيار الأخلاقي, فمعياره الأساسي هو المال!!!!.

كيف نقيّم الآخر؟؟؟؟ , نقول أنه غير طموح, ويفتقد لحيوية الشباب وشجاعته, وربما نصفة بالخانع المسيّر فلا يسعى للقمة والترؤس, أم نصفه بالحكمة التي وازنت بين الوازع الديني والأخلاقي, وأدرك بما يحمله من عنفوان الشباب وطموحه أن (القليل الصحيح أفضل من الكثير الخاطئ) , وأن سرعة الوصول ليست دليل الأمان ولا دليل الصواب, وربما كثير الحماس يحمل معه وخيم العواقب.

الواقع الذي نعيشه, يؤكد تماما, أننا نتاج خياراتنا!!!! وليس نتاج إمكاناتا, وكم من فقير كان أشدّ سخاء من كثير من الأغنياء, وكم من ضعيف سبق الأقوياء للمرؤة والعون, وكم من أميّ غير متعلّم أهدى أولاده العلم والأخلاق فهم الأن بناة المجتمع, وكم من الكثير المتعلم, أهدى أبناءه للملاهي والمراقص والأسواق المترفة.

فعلا هي خياراتنا ......

(منقول)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير