[جانب من اهتمام أمريكا بالصراعات العقدية بين المسلمين]
ـ[محمد الباهلي]ــــــــ[30 Nov 2010, 09:28 ص]ـ
[جانب من اهتمام أمريكا بالصراعات العقدية بين المسلمين]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فقد ورد في وسائل الأعلام قبل أيام قليلة تقريرا ً للخارجية الأمريكية تنتقد فيه سلوك عدد من الدول تُجاه الحريات الدينية، وجاءت بعض الدول الأوربية ضيفا ً جديدا ً على الانتقاد.
لكن المهم هو ما ورد من بين سطور الخبر من حالة الاستياء من أمريكا حول مضايقة القاعدة في الشرق الأوسط للأقليات الدينية، وسمَّت منها الشيعة والصوفية والأحمدية (والمراد بها القاديانية) والخبر بهذه الصياغة بثته قناة الجزيرة الإخبارية.
وقفت مذهولا ً مشدود الفكر متأرجحاً في التعليل، فقفز إلى ذهني أسئلةٌ أُورِدُها هنا، وأتمنى من أصحاب النظر الثاقب والمتابعة الدقيقة أن يجيبوا عنها
س1/ هل أمريكا تعتقد أن القاعدة هي المُسَيَّرة للفكر علميا ً وعمليا ً في الشرق الأوسط، لاحظ يا أخي (الشرق الأوسط) وليس في كابل أوقندهار
س2/ هل الفاجرة أمريكا لها مفهوما ً غير معلن عن القاعدة، أي: هل أمريكا تجعل المسلمين السُنيين الذين يقودون الفكر في الشرق الأوسط من منابع القاعدة؟ ويترتب على ذلك سؤال آخر وهو:
س3/ هل إذا قلنا إن أمريكا تحارب القاعدة، يكون الكلام بمعنى أنها تحارب القاعدة بمفهومها الإعلامي فقط، أم أنها تحارب القاعدة بالمعنيين، القاعدة بالمفهوم الإعلامي والقاعدة بالمفهوم المضمر، وهو لإسلام السني؟؟.
س4/ هل هذا الكلام يصحح لنا التحليل السائد عند كثير من المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي الفكري، في الأطراف الثلاثة:
الطرف الأول: أن القاديانية وليدة الغرب، فهي التي أسستها، وهذه لا يشك فيها عاقل، فالذي أسسها الاستعمارُ البريطاني في شبه القارة الهندية.
الطرف الثاني: أن الصوفية أفيون الإسلام، وأن الفكر العلماني والسياسة الغربية تحب الصوفية كثيرا ً، لأنها ظاهرةٌ تسبب الشلل الرباعي لأي مقاومة إسلامية، فلذلك نجد الدعم والنصرة للطرق الصوفية عند بعض الحكومات العربية التي تحارب أي رائحة إسلامية.
وقد كُتب في هذا الشأن بحث قوي حول علاقة السياسة المصرية بالطرق الصوفية والنقابات الصوفية في مصر.
وبعض الباحثين يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير ويضرب مثالاً يحتاج إلى كثير من المناقشة والتحليل، وهو أن جماعة التبليغ الصوفية هي الوحيدة التي لها مقر وفرع في (تل أبيب) عاصمة إسرائيل المُغتصِبة.
الطرف الثالث: هل الفكر الشيعي محل إشفاق من قبل أمريكا وبعض الدول الأوربية؟؟
أقرب التحليلات التي أرى أنها اقتربت من الصواب كثيرا ً هي الرؤية التي تفصل في المسألة وتجعلها كالآتي:
1 ـ أن الشيعة الرافضة منقسمون إلى قسمين، قسم يرى ولاية الفقيه، ويتمثل هذا الفكر في شيعة إيران ومن تبعهم
والقسم الثاني من لا يرى ولاية الفقيه ويعتبرها بدعة هادمة لأساس دين الشيعة، ومناقضة لفكرة المهدي المنتظر، وعلى هذا السيستاني العراقي، ومن تبعهم من شيعة العراق وبعض شيعة الخليج.
القسم الأول لا ترحب به أمريكا كثيرا ً، بل وترفضه في ظروف كثيرة، أما القسم الثاني فهو محل ترحيب وسط أمريكا والحكومات العلمانية، وإليك شيء من التفصيل:
السيستاني وغيره من أصحاب الرفض لفكرة ولاية الفقيه يرون أن قيام حكومة إسلامية عبث ومضيعة للوقت، لأن الأحكام من جهاد وحج وصلاة جمعة لا تتم إلا بالمهدي الغائب المنتظر، فهي معطلة الآن ما دام أن المهدي غائب وقابع في سرداب سامراء، والحكومة الإسلامية أو ولاية الفقيه منازعة في الأمر من غير أهله، لذا فأصحاب هذا الفكر يختارون الحكومات العلمانية ولا يريدون الحكومات الإسلامية لأسباب، أبرزها:
ـ أن الحكومة الإسلامية متعذرة مع غياب المهدي.
ـ وأن قيادة أي حكومة إسلامية يعتبر تعديا ً على صلاحيات إمام الزمان.
ـ وأن الحكومة العلمانية تعطي الشيعة حقوقهم المدنية دون إقصاء لهم أو حرب لمذهبهم، وتعتبر مظلة الدولة العلمانية مسألة مؤقتة إلى أن يتعجل الفرج ويخرج المهدي المنتظر.
¥