[السنن الإلهية وعلماء الحديث]
ـ[محمد جابري]ــــــــ[12 Dec 2010, 05:52 م]ـ
[السنن الإلهية وعلماء الحديث]
(1) ضوابط الحديث الصحيح
مدخل: جهود علماء الحديث لتقعيد ضوابط صحة الحديث
لعل من أدق العلوم وأصعبها عند المحدثين علم علل المتن وفي هذا الصدد يقول الحاكم النيسابوري رحمه الله: " يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل , فإن الحديث المجروح ساقط واهن. وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقاة أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير " [1]
وانبرت جهودالعلماء كأن وضعت نصب عينيها نبراسها نصوصا من كتاب ربها ذودا عن حمى سنة نبيها:
- أولها: (((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ))) [العنكبوت: 68] + [القصص: 51]
- ثانيها: (((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ))) [الزمر: 32]
وبلغ النص الثاني مبلغا خطيرا في الوعيد بحيث سوى بين من افترى على الله الكذب والذي كذب بالصدق إذ جاءه.
كيف يتأتى للمحدثين تطهير الحديث النبوي من الافتراء على الله الكذب ثم كيف يتسنى لهم تجنب التكذيب بالصدق إذ جاءهم؟
عمد المحدثون تطهيرا للحديث النبوي من دجل الكذب على رسول الله صل1 إلى رد أحاديث كل كذاب أم متهم بالكذب. وتفننوا في دراسة علم الرجال دراسة لم يأت من قبلهم أو من بعدهم مثيلا لها؛ إذ أضحت اختصاصا لهم وخاصية من خصائصهم فرحمهم الله وجزاهم عن الإسلام والمسلمين كل خير. (واعتمد اللغويون والقضاة والقراء أخذ علومهم عبر أسانيد رجالهم).
كما عمدوا إلى دراسة المتن وتتبعوا المعاني والزوائد وما أدرج من كلام الراوي في كلام النبوة , وبينوا المضطرب والشاذ والمعلل وتجردوا إخلاصا لله أيما التجرد فإذا بقيت في نفوسهم بقية دون أن يجدوا لها مبررا أعادوا البحث في السند واستخرجوا العلة سندا. [2]
جهود المئات العقول الربانية النيّرة سهرت الليالي والأيام فحصا للجوهر من البهرج واستخرجوا الدرر وأضحى الحديث النبوي بينا بصحيحه من سقيمه سواء منها ما نسب للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت من افتراء المفترين أو تحريف المحرفين أو من تدليس المدلسين أو ما ابتليت به النصوص من تصحيف وقلب واضطراب.
وضبطوا قواعد لدراسة الحديث متنا وسندا فكانت وبحق دراسة علمية دقيقة خشية رد الصحيح أو تصحيح المكذوب.
ضوابط الحديث الصحيح:
1 - انتهى تعريف الحديث الصحيح إلى الحافظ ابن حجر بقوله:
هو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل التام الضبط أو القاصر عنه إذا اعتضد عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا [3]
2 - قال السيوطي رحمه الله: " إذا قيل هذا حديث صحيح فهذا معناه أي ما اتصل سنده مع الأوصاف المذكورة. فقبلناه عملا بظاهر الإسناد , لا أنه مقطوع به في نفس الأمر بجواز الخطإ والنسيان على الثقة خلافا لمن قال أن الخبر الواحد يوجب القطع. [4]
3 - وإذا قيل هذا حديث غير صحيح فمعناه لم يصح إسناده على الشرط المذكور , لا أنه كذب في نفس الأمر لجواز صدق الكاذب وإصابة من هو كثير الخطإ. [5]
4 - قال التهانوي: يجوز أن يحتج بالضعيف إذا قامت قرينة على صحته كما يجوز ترك العمل بالصحيح إذا قامت القرينة على خلافه [6].
5 - يمكن أن يكون الحديث صحيحا ولا يعمل به بدليل المنسوخ [7].
6 - يمكن أن يكون الحديث صحيحا ولا يعمل به لكونه مرجوحا [8].
7 - الحسن إذا روي عن غير وجه ارتقى من درجة الحسن إلى منزلة الصحة. [9]
8 - المتواتر فإنه صحيح قطعا ولا يشترط فيه مجموع شروط الصحيح. [10]
9 - تعرف صحة الحديث إذا اشتهر بغير نكير من علماء الحديث. [11]
10 - يحكم للحديث بالصحة إذا تلقاه الناس بالقبول وإن لم يكن إسناده صحيحا [12].
11 - المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا له [13]
12 - قد يعلم الفقيه صحة الحديث إذا لم يكن في سنده كذاب بموافقة آية من كتاب الله أو بعض أصول الشريعة فحمله ذلك على قبوله والعمل به (فيكون مثل هذا صحيحا لغيره لا لذاته) [14]
13 - عمل العلماء على وفقه يعد تصحيحا له [15] (وإن كان هذا من شرط الفقهاء).
¥