تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[النظر في أدلة عصمة الأنبياء من الصغائر بعين البصر و ترجيح مذهب أهل السنة و الأثر]

ـ[ربيع أحمد سيد]ــــــــ[09 Dec 2010, 10:52 م]ـ

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد:

فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم أشرف الخلق و أتقاهم لله اصطفاهم الله لتبليغ أوامره و نواهيه و ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور،ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد و من أركان الإيمان الستة الإيمان بهم،و يتضمن الإيمان بهم توقيرهم واحترامهم و حبهم، وتصديقهم فيما أخبروا، و اتباع دينهم وشريعتهم، و اتخاذهم أسوة و قدوة و عدم الكلام عنهم إلا بما هو خير و اعتقاد عصمتهم من الشرك والكبائر والصغائر المخلة بالمروءة و القادحة في دعوتهم و نفي كل ما يقدح في أشخاصهم أو نبوتهم ورسالتهم و قد اختلف العلماء في جواز وقوع صغائر الذنوب منهم فذهب قوم إلى جوازها، إلا أنهم لا يقرون عليها، بل ينبهون فيتوبون و يستغفرون. و ذهب آخرون إلى امتناع ذلك عليهم محتجين بأنهم أسوة و قدوة، و أولوا ما ورد في ذلك مما ظاهره إثبات الذنوب للأنبياء واستغفارهم منها و القول الموافق لظاهر نصوص الكتاب والسنة و الموافق للآثار المنقولة عن السلف هو عدم عصمتهم من الصغائر التي لا تخل بالمروءة والشرف مع عدم الإقرار عليها فالخطأ من طبع البشر والأنبياء بشر يقع منهم الخطأ و إن كانوا لا يقرون على الخطأ فيأتي الوحي بالتصويب والتسديد و لما في القول الآخر من الغلو في الأنبياء و من تأويل ظاهر النصوص بلا دليل صحيح صريح خال من معارض معتبر و من مخالفة ما كان عليه السلف و من موافقة الشيعة في غلوهم في الأنبياء أحببت في كتابة هذه السطورة حتى لا يغتر أحد بأدلة القول الآخر المخالف للكتاب و السنة و ما نقل عن السلف و قد اغتررت بها حينا من الدهر ثم هداني الله إلى الصواب و الحمد لله رب العالمين.

ـ[ربيع أحمد سيد]ــــــــ[09 Dec 2010, 10:53 م]ـ

فصل: كلام العلماء في عدم عصمة الأنبياء من الصغائر

قال ابن بطال (ت: 449هـ):

((ذكر الأنبياء صلى الله عليه وسلم فى حديث الشفاعة لخطاياهم، فإن الناس اختلفوا هل يجوز وقوع الذنوب منهم؟ فأجمعت الأمة على أنهم معصومون فى الرسالة، و أنه لا تقع منهم الكبائر، و اختلفوا فى جواز الصغائر عليهم فأطبقت المعتزلة و الخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم، و زعموا أن الرسل لا يجوز أن تقع منهم ما ينفر الناس عنهم و أنهم معصومون من ذلك. و هذا باطل لقيام الدليل مع التنزيل و حديث الرسول: (أنه ليس كل ذنب كفرًا). وقولهم: إن البارى تجب عليه عصمة الأنبياء، عليهم السلام، من الذنوب فلا ينفر الناس عنهم بمواقعهم لها هو فاسد بخلاف القرآن له، و ذلك أن الله تعالى قد أنزل كتابه وفيه متشابه مع سابق علمه أنه سيكون ذلك سببًا لكفر قوم، فقال تعالى: ? فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ? [آل عمران: 7]، و قال تعالى: ? وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ? [النحل: 101] فكان التبديل الذى هو النسخ سببًا لكفرهم كما كان إنزاله متشابهًا سببًا لكفرهم، وقال أهل السنة: جائز وقوع الصغائر من الأنبياء، واحتجوا بقوله تعالى مخاطبًا لرسوله: ? لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ? [الفتح: 2] فأضاف إليه الذنب، وقد ذكر الله فى كتابه ذنوب الأنبياء فقال تعالى: ? وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ? [طه: 121]، وقال نوح لربه: ? إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى ? [هود: 45]، فسأله أن ينجيه، وقد كان تقدم إليه تعالى فقال: ? وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ? [هود: 37]، وقال إبراهيم: ? وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ ? [الشعراء: 82]، وفى كتاب الله تعالى من ذكر خطايا الأنبياء ما لا خفاء به)) [1]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير