تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"كان في وقت الفتح رجل اكتسب شهرة عظيمة عند المسلمين يسمى بيحيى المعروف عندنا "بغرماطيقوس" أي النحوي، وكان إسكندريًّا، وعاش إلى أن فتح عمرو بن العاص مدينة الإسكندرية، ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلوم، فأكرمه عمرو وسمع من ألفاظه الفلسفية -التي لم تكن للعرب بها أنسة- ما هاله ففتن به.

وكان عمرو عاقلاً حسن الاستماع صحيح الفكر، فلازمه وكان لا يفارقه، ثم قال له يحيى يومًا: إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية، وختمت على كل الأشياء الموجودة بها، فما لك به انتفاع فلا أعارضك فيه، وما لا انتفاع لك به فنحن أولى به. فقال له عمرو: وما الذي تحتاج إليه؟ قال: كتب الحكمة التي في خزائن الملوكية. فقال له عمرو: لا يمكنني أن آمر إلا بعد استئذان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وكتب إلى عمر وعرفه قول يحيى، فورد عليه كتاب عمر يقول فيه: وأما الكتب التي ذكرتها، فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله، ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله، فلا حاجة إليه فتقدم بإعدامها. فشرع عمرو بن العاص في تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها في مواقدها، فاستنفدت في ستة أشهر، فاسمع ما جرى واعجب".

تفنيد الحجج حول رواية الإحراق

- هذه الرواية أشبه بالخرافة، فقد ذكر فيها ابن العبري أن كتب المكتبة كفت أربعة آلاف حمَّام - وهي عدد حمامات الإسكندرية كما ذكرها ابن العبري - لمدة ستة أشهر، وهذا غير معقول، فضلاً أن عَمْرًا لو قصد تدمير المكتبة لأحرقها في الحال ولم يتركها تحت رحمة أصحاب الحمامات، وإلا لتمكن يوحنا النحوي -الذي بنى ابن العبري روايته عليه- من أخذ ما يلزم من هذه الكتب بثمن بخس، ولتسرب قسم كبير من الكتب ليظهر فيما بعد، وهذا ما لم يحدث.

- كما ذكر "بتلر" أن يوحنا هذا مات قبل الفتح الإسلامي لمصر بثلاثين أو أربعين سنة.

- لو كانت هذه الرواية صحيحة، لتعرض لها المتقدمون من قريب أو بعيد ولو تليمحًا.

- إن هذه المكتبة أصابها الحريق مرتين: الأولى سنة 48 ق. م على أثر إحراق أسطول يوليوس قيصر، والثانية في عهد القيصر تيودوسيس (738 – 395م) وذلك عام 391م؛ فنسجت هذه الحكاية على منوال الحريقين السابقين.

- زار "أورازيوس" الإسكندرية في أوائل القرن الخامس الميلادي، فذكر أن رفوف المكتبة خالية من الكتب عند زيارته؛ وعلى ذلك فإن الكتب التي كانت بالمكتبة من عهد البطالمة لم يبق لها أثر منذ أواخر القرن الرابع الميلادي، أي منذ عهد الإمبراطور تيودوسيس -أي الحريق الثاني- كما أنه لم يرد لها ذكر في الآداب في القرنين السادس والسابع، ومن المعلوم أن حالة مصر قبيل الفتح الإسلامي –أي منذ أيام دقلديانوس- كانت حالة تأخر الزراعة والصناعة والعلوم والمعارف والآداب، فمن البعيد -إذن- أن يهتم الناس بإعادة هذه المكتبة إلى عهدها الأول.

- إن التعاليم الإسلامية تخالف رواية القصة؛ لأن الإسلام يحرم المساس بالكتب السماوية كاليهودية والمسيحية، لأنه يجوز أن ينتفع المسلمون بها، فالرواية مخالفة لعادات المسلمين الذين عُرف عنهم عدم التعرض لما فيه ذكر الله.

- ولو فرضنا أن هذه المكتبة بقيت إلى الفتح الإسلامي، ولم يكن هناك ما يمنع من نقلها إلى القسطنطينية على أيدي الروم في أثناء الهدنة التي عقدت مع المسلمين، وقد أجاز لهم عمرو في عهد الصلح أن يحملوا كل ما يقدرون عليه، وكان لديهم من الوقت ما يمكّنهم من نقل مكتبات لا مكتبة واحدة.

- وقد أنهى أبو الفرج روايته بقوله: "فاسمع ما جرى واعجب". وهذا يعني أنه أراد أن يدعونا إلى إحكام العقل بأنه ليس من الممكن أن يفعل عُمر وعَمْرو هذا، وهذا ما لا يريده؛ فكأنما يوحي لنا بكذب الخبر، وإن لم يكن كذلك فلِمَ يقول: اسمع واعجب؟! هذه فكرة، وفكرة أخرى يحملها المعنى، وهي أن يكون في نفس المؤلف ضغينة على عُمر وعَمرو، فنسب إليهما هذه الفِرْية، وهو يدعونا إلى التعجب من شدة هذا الأمر.

وعلى كلا الأمرين، فإن إثارة العجب والدعوة إلى الاستماع فيها شيء من الإيحاء وعدم النزاهة، ويجعل ما سبق من الخبر فِرْية لا صحة لها.

المصدر:قصة الإسلام ( http://www.islamstory.com/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%81% D8%AA%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D 9%85%D9%89_%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%83%D9%86%D8 %AF%D8%B1%D9%8A%D8%A9)

-

ولماذا دائما يلجأون إلي تشويه التاريخ الإسلامي بنسبة الحرق إليه سواء حرق طارق بن زياد للسفن -أكذوبة- أو حرق المكتبة كما ذكرنا هنا؟

الجواب أن هذا هو أسلوب النصاري مع مخالفيهم فهم من أحرقوا المسلمين أحياء في الأندلس وأحرقوا كتبهم بل وأحرقوا مخالفيهم في المذهب من بني جلدتهم!!

هل عرفنا الآن لماذا دائما الحرق؟

إنه إسقاط من ضعيف عاجز علي قوي قادر نشر دينه ودولته في سنوات قليلة فاشتعلت نيران قلوبهم حتي احترقت.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير