[قطع ألف الوصل]
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 01:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[قطع ألف الوصل]
في العربية مواضع قُطعت فيها هذه الألف، وهي:
(1) الفعل المبدوء بألف وصل مسمى به، نحو: جاءني إضرِب، وقابلتُ أُدخُل، ومررت بأنصَرَ، وجاء إنطلقُ، وقابلت إستغفرَ، ومررت بإحرنجَمَ. وعلل النحويون ذلك بأن المنقول عن الفعل بَعُد عن أصله في هذه المسألة بالتحاقه بالأسماء؛ ولذلك أخذ حكمها في قطع هذه الألف.
أما المنقول من اسم مبدوء بألف الوصل كالمصادر التي تحدثنا عنها، مثل اقتدار، واعتدال، وابتسام – فلا تقطع فيها هذه الألف بعد التسمية؛ لأنها لم تبعد عن أصولها كابتعاد الأفعال (1).
ويتراءى لي أن هذا القطع يمكن حمله على تحقيق أمن اللبس بين الفعل وما سُمِّيَ به من الأعلام. ولست في ذلك أستثني ما سمي بالمصادر من الأعلام في هذه المسألة، إن رغبنا في تحقيق أمن اللبس، وتوحيد الأصل الإملائي وجعله مطَّردا، ولأن الحمل على الأكثر أولى وأظهر، إذ كل الأسماء المبدوءة بألف تقطع فيها هذه الألف إلا ما عُدَّت ألفه وصلا فيما مر.
(2) الأعلام المركبة تركيبا إسناديا والمبدوءة بـ (الـ) في باب النداء، نحو: يا ألمنطلق زيد، يا ألقارئ الدرسَ، وغيرهما. ولعل السبب في ذلك يعود – كما يظهر لي – إلى تحقيق أمن اللبس بين المسمى بما مر من الأعلام وتلك الجمل الاسمية غير المسمَّى بها، زيادة على ما يحققه قطع الهمزة من جذب انتباه السامع أو القارئ إلى هذه الأعلام في هذه المسألة؛ لئلا يُظَّن أنها جمل غير مسمى بها.
(3) لفظة الاثنين أو الاثنين مسمًى بهما شخصٌ ما: القول نفسُه في هاتين اللفظتين من حيث قطع همزة الوصل مسمى بهما؛ لتحقيق أمن اللبس مسمًّى بهما وغير مسمى، إذا جعلتا مناديين.
(4) لفظ الجلالة (الله) منادى: تقطع همزته، نحو: يا ألله، اغفر لنا، لأن حرف التعريف صار كجزء من الكلمة. ويتراءى لي أن في قطعها إظهارا لحاجة المنادى الماسة إلى رحمة الله، ومساعدته، إذ يبدو ذلك بينا في مد الصوت أو إشباعه بالألف. ويجوز أيضا إبقاؤها على الوصل على أن ألف (يا) يجوز حذفها وإثباتها، ويجوز أيضا إبقاؤها على الوصل على أن ألف (يا) يجوز حذفها وإثباتها، ويجوز حذف ألف الوصل في لفظ الجلالة أيضا، أما في القطع فالإثبات واجب (2). وذكر الجوهري أن قطع الهمزة في لفظ الجلالة محمول على الوقف على حرف النداء لتفخيم هذا الاسم (3). وتقطع الهمزة أيضا في هذا العلم في قولهم: أفألله لتفعلَنَّ (4).
(5) لفظة (البتَّة): يغلب استعمال هذه اللفظة بالألف واللام، وتعرب مفعولا مطلقا، كقولهم: لا أفعله ألبتة، ويجوز في ألف (الـ) فيها القطع، وهو العارض، والوصل، وهو الأصل. ويظهر لي أن في قطعها توكيدا وجذبا لانتباه السامع والقارئ إلى المراد، إذ يبدو ذلك في فصلها عما في وصل الكلام. ولعل القطع في هذه اللفظة يعود إلى أن حرف التعريف صار كالجزء منها (5).
(6) قطع ألف الوصل في الضرورة الشعرية:
تشيع الضرائر الشعرية المختلفة في كثير من الأبيات الشعرية، وهي مسألة جعلت القدامى والمحدثين يختصونها بإفراد تآليف أو أبواب في أثناء مظانهم النحوية (6). ومن الضرائر الشعرية التي تُعد ضالتنا في هذا البحث قطع ألف الوصل في درج الكلام. وذكر ابن عصفور أن أكثر ما يكون ذلك في أول النصف الثاني من البيت الشعري، على نية الوقف على الصدر منه، ومن ذلك قول حسان بن ثابت (7):
لَتَسْمَعُنَّ وَشيكًا في دِيَارِكُمُ ... أللَّهُ أكبَرُ يا ثاراتِ عُثْمانا
وقول لبيد (8):
ولا يُبادِرُ في الشتاءِ ولَيدُنا ... أَلقدرَ يُنزِلُها بغيرِ جعالِ
وقوله أيضا (9):
أو مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحِه ... أَلناطِقُ الْمَزبورُ والْمَختومُ
وقول أنس بن العباس السلمي (10):
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلةً ... إِتَّسَعَ الْخَرْقُ على الراقِعِ
وقد تقطع ألف الوصل هذه في حشو البيت، والأول أيسر وأكثر شيوعا، ومنه قول قيس بن الخطيم (11):
إذا جاوَزَ الإِثْنَيْنِ سرٌّ فإنَّهُ ... بِنَثٍّ وتكثيرِ الوشاةِ فمينُ
وقول جميل بثينة (12):
ألا لا أرى إثنينِ أحسنَ شيمةً ... على حَدَثان الدهْرِ مني ومن جُملِ
¥