أنشأ الخليفة المقتدر بالله حديقة للحيوان في قصره جمع فيها عددا كبيرا من الطيور والحيوانات والسباع، وكان يجلب إليها غرائب المخلوقات. أما أشهر حدائق الحيوان وأكبرها فكانت التي أنشأها الوزير بن مقلة، وكانت تتكون من عدة أجربة من الشجر بلا نخل، عمل له شبكة إبرسيم وكان يفرخ فيه الطيور التي لا تفرخ إلا في الشجر كالقماري والبلابل و الطواويس. وكان فيها من الغزلان والحمر الوحشي، والنعام والأيل.
البيمارستانات: مما تميزت به بغداد أيضا البيمارستانات التي اهتم بها الأمراء والخلفاء على مر العصور، ومن أهمها بيمارستان المعتضدي، الذي أنشئ معهدا للطب وأطلق عليه اسم البيمارستان، وكان الطبيب الكبير أبو بكر الرازي يدرس فيه الطب. وقد أنشأ عضد الدولة بن بويه بيمارستان آخر على أنقاض قصر الخلد أطلق الناس عليه اسم البيمارستان العضدي، والبيمارستان يعتبر أول مدرسة طبية نظرية وعملية أنشئت في بغداد، وكلا البيمارستانين في الجانب الغربي.
وهناك بيمارستان بدر غلام العضدي حيث كانت أنفاق هذا البيمارستان من وقف سجاح أم المتوكل على الله، وكذلك بيمارستان السيدة أم المقتدر الذي فتحه أبو سعيد سنان بن ثابت سنة 306 هـ / 919 م، وقد اتخذ بسوق يحيى على نهر دجلة وجلس فيه ورتب ببغداد المطببين وقبل المرضى، وكانت النفقة عليهم في كل شهر ستمائة دينار على يدي يوسف بن يحيى المنجم،وكذلك بيمارستان المقتدر بالله، وكان في باب الشام، وكان ينفق عليه من ماله في كل شهر مائتي دينار، ومن الأطباء الذين خدموا فيه يوسف الواسطي، وجبريل بن عبد الله بن بختيشوع، والذي قرأ على يوسف الواسطي، وكذلك بيمارستان الرشيد، وغيرها كثير.
المساجد:
لما أنشأ المنصور قصر الرصافة في الجانب الشرقي ألحق به مسجدا جامعا عرف بمسجد الرصافة، وفي خلافة المهدي صارت تقام فيه الجمع، ولم تكن تقام الجمع في بغداد يومذاك إلا في مسجد المنصور ومسجد الرصافة إلى وقت خلافة المعتضد.
وعندما انتقل الخليفة المعتضد إلى القصر الحسنى الذي عرف بقصر الخلافة أذن للناس بإقامة الجمعة داخل هذا القصر، فكان يؤذن للمصلين في الدخول وقت الصلاة ويخرجون عند انقضائها، فلما استخلف المكتفي عام 289هـ / 902 م، ترك القصر وأمر أن يقام فيه مسجد جامع يصلي فيه الناس.
وهناك أيضا جامع مرجان هو في الأصل مدرسة شيدها مرجان مملوك السلطان أويس الجلائري عام 758هـ / 1357 م، وجعل ضمنها مسجدا تقام فيه الجمع، ووقف عليها الأوقاف الطائلة، وقد نقش بالآجر على جدران هذه المدرسة، ولا تزال هذه المبرة قائمة إلى اليوم على الجانب الشرقي من شارع الرشيد، وفيها من ضروب الريادة وبديع الصناعة المعمارية.
جامع ابو حنيفة
ومن الآثار الباقية أيضا جامع الخلفاء وهو جامع صغير أنشأه والي بغداد سليمان باشا عام 589هـ / 1193 م على زاوية من أنقاض جامع القصر أو مسجد دارالخلافة الذي شيده الخليفة العباسي المكتفي بالله عام 289 - 295هـ / 902 - 903م، وقد طمست آثاره ولم يبق منه إلا منارته التاريخية العجيبة المعروفة بمنارة سوق الغزل، وهي مئذنة فريدة في تصميم بنائها.
ومن الآثار التي تعود إلى العصر العباسي مآذن كانت تابعة لمساجد مشيدة بجوارها، وأقدمها مئذنة مسجد الحظائر (جامع الخفافين حاليا) الذي شيد من قبل زمرد خاتون أم الخليفة الناصر لدين الله المتوفاة عام 599هـ / 1203 م، وقوامها قاعدة مثمنة يعلوها بدن أسطواني الشكل ينتهى بمقرنصات تحمل شرفة لوقوف المؤذن، ويقوم فوقها عنق المئذنة و هو أسطواني الشكل كذلك لكنه يقل عن البدن في قطره وطوله، ثم تنتهى المئذنة في أعلاها برأس مدبب أو قمة تشبه القبة الصغيرة، وهذه المئذنة تمتاز بتناسق أقسامها وأجزائها تناسقا بديعا يدل على ذوق رفيع وبراعة.
والمئذنة الثانية تقع في مسجد الجنائز المعروف الآن بجامع الشيخ معروف، وقد كتب عليها تاريخ بنائها عام 612هـ / 1216 م، وهي تشبه سابقتها مع اختلاف قليل في شكل المقرنصات وزخارفها. أما المئذنة الثالثة فهي مئذنة مسجد قمرية الذي بناه الخليفة المستنصر بالله عام 626هـ / 1229 م، وهي تختلف عن سابقتها من حيث ارتكازها على قاعدة مربعة ووجود بدن أسطواني ضخم فوقها وبساطة مقرنصات شرفتها ونحافةعنقي بشكل يوحي أنها قد تعرضت لإصلاحات وترميمات عديدة.
الأسواق:
¥