تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أول من أمر ببناء مدرسة مستقلة عن الجوامع في بغداد أحمد بن طلحة الموفق الملقب بالمعتضد. ثم قام نظام الملك وزير ملكشاه السلجوقي وأنشأ المدرسة النظامية وأتم بناءها عام 459هـ / 1067 م على ضفاف نهر دجلة قرب قصر الخلافة. وهي أول مدرسة تنشأ رسميا من قبل الدولة، بعد أن كان التعليم عملا تطوعيا. ولقد جعلها نظام الملك وقفا لنشر المذهب الشافعي، ودرس فيها عدد من كبار العلماء، كما تخرج فيها أيضا شخصيات فذة.

أما المدرسة الأخرى والتي أسست بعد النظامية بحوالي نصف قرن هي المدرسة المستنصرية التي أنشأها الخليفة المستنصر عام 631هـ / 1234 م، بهدف تدريس المذاهب الأربعة. ولقد بنيت المدرسة على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي بجانب قصر الخلافة بالقرب من المدرسة النظامية سالفة الذكر. ولقد أنفق عليها الخليفة المستنصر بسخاء شديد، فجاءت آية في الجمال والروعة.

ولما دخل المغول بغداد لم تسلم هذه المدرسة من يد الاعتداء، فقد عصفت بكتبها وأثاثها عاصفة النهب والتبديد. ثم أعيدت إلى سابق عهدها وأعيدت إليها أوقافها ولم تزل على ذلك إلى العهد العثماني، وهناك جردها المتغلبون من أوقافها فبقيت تعالج السكرات إلى أن عهد بولاية بغداد إلى سليمان باشا فجعل المستنصرية مستغلا لمدرسته السليمانية. وهي المدرسة العباسية الوحيدة التي بقيت إلى اليوم ماثلة للعيان، محتفظة بالكثير من الكتابات التي سطرها بُنَاتُهَا على جدرانها، وهي آخر مدرسة بناها خلفاء بنى العباس.

أما المدارس الحديثة فقد بدئ بإنشائها في بغداد على عهد الوالي مدحت باشا، ولكنها قليلة ولغة التدريس فيها هي اللغة التركية، ولما أنشئت الحكومة الوطنية وجهت جل عنايتها إلى الإكثار من هذه المدارس على اختلاف مراحلها من ابتدائية وثانوية وعالية، ففي عام 1361هـ / 1942 م بلغت مدارس الأحداث في بغداد (25) مدرسة يقوم بالتعليم فيها 166 معلمة، وبلغت المدارس الابتدائية في السنة نفسها عدا مدارس الأحداث (95) مدرسة، منها (31) مدرسة للإناث، وبلغت المدارس المتوسطة والإعدادية عشرين مدرسة، ثمان منها للإناث، وفيها سبع من دور المعلمين والمعلمات، منها ثلاث للمعلمات ووحدة عالية يتألف طلابها من الجنسين، وفيها عدا دار المعلمين العالية كلية الحقوق وكلية الطب وكلية للصيدلة وكلية للهندسة وكلية لتخريج الضباط تابعة للجيش، وهذه المدارس تابعة لوزارة المعارف مباشرة.

المكتبات:

ولقد اشتهرت بغداد على مر العصور الإسلامية بمكانة علمية متميزة. فقد أنشأ الخليفة هارون الرشيد بيت الحكمة وتممه ابنه المأمون في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. وهي دار علم ومكتبة كان يقام فيها مجالس العلم حيث يجتمع فيها عدد كبير من العلماء والباحثين بغرض الترجمة والمناظرات العلمية. وكان الرشيد والمأمون يشاركان مشاركة فعلية في هذه المجالس. وبعد أن تنتهي المناظرات كان يفيض عليهم الخليفة بالهبات والمكافآت. ولقد ساهمت هذه المكتبة مساهمة فعالة في تطوير علوم الطب والكيمياء والفلك، حيث كانت التجارب العلمية والبحوث العملية تجرى على قدم وساق.

كما انتشرت في بغداد خزانات كتب خاصة تحوي كتبا نادرة من أشهرها خزانة دير الكرمليين التي أنشأها اللغوي المحقق أنستاس ماري الكرملي، وخزانة المحامي الفاضل عباس العزاوي، وخزانة الوجيه البحاثة يعقوب سركيس، وغيرها كثير.

وكان بعض الخلفاء والأثرياء يبذلون جهدا مشكورا في جمع الكتب النادرة ويسهلون على أهل العلم الانتفاع بها، فكانت قصور الخلفاء والكبراء تتزين بخزائن تشتمل على العدد الكثير من الكتب، وقد أنشأ الرشيد بناية خاصة في قصره جمع إليها الكثير من الكتب العربية وغير العربية، ثم جاء المأمون من بعده فزاد في ثروة هذه الخزانة، وكان من أشهر الدور العامة دار سابور بن أردشير في الجانب الغربي، وقد أودعها ألوفا من المجلدات النادرة الثمينة، وقد كان أبو العلاء يتردد إليها مدة مكثه في بغداد، وأعظم كارثة أصيبت بها خزائن الكتب في بغداد هي كارثة المغول فقد أتلفوا منها الشيء الكثير، ولم تزل بعد ذلك خزائن الكتب موضع الرعاية من رجال الحكومات المتعاقبة إلى أن فشا الطاعون في بغداد على عهد الوالي داود باشا، ورافقه طغيان دجلة وحريق هائل أودى بكثير من خزائن الكتب، ولما اشتدت المجاعة في القرن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير