تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقابل هذه المصائب والشدائد والمحن والفتن لهوٌ وانشغالٌ في المجتمعات المسلمة .. !! وكأن الأمر لا يعني أحد .. نفسي .. نفسي .. مالي وولدي .. حدود الإسلام وطني .. هكذا يتعاطى الكثير مع الأحداث أما القول والإدعاء فما أكثر أهله وقد قال تعالى (يا أيها الذين امنوا لما تقولون ما لا تفعلون) .. لا تفاعل مع مآسي المسلمين .. تسقط كابلُ ثم بغداد ,يدنس كتاب الله , يسجل التاريخ للأمة أصعب مراحلها منذ عقود , والانفعال وقتي يتبعه انشغالٌ دائمٌ .. لا دعاءَ ولا رجاءَ , ولا استشعارٌ لـ (إنما المؤمنون إخوة) ولا (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ... ) تجاوز الأمر ذلك حتى أصبحنا نسمع ونشاهد حدوداً لله تنتهك داخل مجتمعاتنا يعبث بها المفسدون, ويستهزئ بالدين, ثم ننفعل ونتفاعل وما هي إلا فقاعة صابون تتلاشى مع الوقت تذهب أدراج الرياح , ونبقى ننتظر ما يخبئه لنا الزمان من جديد , وأصبح أهل التقى والصلاح من المجاهدين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمشايخ الربانيين محل تهمة وبضاعةً رخيصة لأقلام مأجورة يغلبها الجهل بالدين والاغترار بالواقع لا يتورعون عن النيل منهم, وأكل لحومهم, والوقيعة فيهم .. يقابل هذا وغيره صمت مريب مخيف ..

ثم يأتي من يقول بعد هذا (متى نصر الله)؟!!.

إن الذين ينتظرون نصر الله وعزة هذه الأمة ورفع الذل عنها والتمكين لها في الأرض دون أن يأخذوا بالأسباب المؤدية لذلك لهم أشبه بالأعراب الذين جاءوا إلى عمر من اليمن فراءهم قابعين في ركن المسجد بعد صلاة الجمعة، فسألهم من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون على الله، فعلاهم عمر بِدِرَّتِهِ ونهرهم وقال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وإن الله يقول: (فَإِذَا قُضِيَتِ ?لصَّلَو?ةُ فَ?نتَشِرُواْ فِى ?لأَرْضِ وَ?بْتَغُواْ مِن فَضْلِ ?للَّهِ) .. هذا هو حال كثير من المسلمين اليوم .. يرى حال أمته وتسلط الأعداء عليها وتفشي الفساد فيها وينتظر معجزة ربانية لتغيير الأحوال ولسان حاله النصر من عند الله .. !! هكذا مجرده دون الأخذ بأسبابها والعمل بمقتضياتها للوصول إليه .. !!

يقول الشيخ محمد قطب حفظه الله: ومن الأوهام أنهم ما داموا مسلمين فسينصرهم الله وسيوفقهم وسيقضى حوائجهم وينجح مقاصدهم مهما يكن أحوالهم ومهما تكن أعمالهم .. !! غفلة كاملة عن السنن الربانية! لقد قال الله للمؤمنين (يا أيها الذين أمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ولم يقل لهم: ما دمتم مؤمنين فسأنصركم وأثبت أقدامكم مهما تكن أحوالكم وأوضاعكم وأعمالكم .. !! ولقد هزم المؤمنين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقعة أحد وحنين حين عصوا رسول الله .. وحين أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئاً وهم خير القرون .. فكيف بهاتيك القرون المتفلتة الغارقة بالبدع والمعاصى؟! أفكان الله ناصرهم وهم لاينصرونه؟ لمجرد دعواهم أنهم مؤمنون؟ أفكان الله موفقهم وهم يعصونه ولا يقومون بواجبهم نحوه؟ أفكان منجح مقاصدهم وقلوبهم مشغولة عن ذكره , غافلة عن أمره ونهييه؟ (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما) "

إن المسلم يعيش حياته كلها بين الخوف والرجاء مخافة من عذاب الله ورجاءً برحمته ومغفرته وهذا من وسطية هذا الدين العظيم لكن في هذا الزمن أصبح جانب الرجاء مفرطاً فيه وأصبحنا نبحث عن نصر الله ولا نخشى أن يصيبنا عقابه .. !! ونحن هذه حالنا معه .. !!

إن ما نحن فيه من ذل وهوان وبأساء وضراء وتسلط للأعداء هو سنة من سنن الله في خلقه وكونه (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيراً لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) وهو اختبار أيضا (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لايفتنون , ولقد فتن الذين من قبلهم , فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) وقوله تعالى (ليمحص الله الذين أمنوا) فالله عز وجل ينظر ما يفعل عباده إن هو ابتلاهم؟ هل يرجعون إليه وهو الغنى عنهم ويدعونه ويقلعون عن معاصيه ويتضرعون إليه فتنزل رحمته ونصره وإن طال ليل الظلم بهم .. !! أم أنهم يلهون في دنياهم وينشغلون عن أمور آخرتهم فيحل بهم غضبه والعياذ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير