تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه " انتهى. والأيام بيننا وبين أولئك المبطلين المستهزئين، لننظر من تكون له العاقبة، ومن الذي يضل سعيه، ويكذب كلامه، وتظهر للعالمين أباطيله وافتراءاته، فقد قالها أمثالهم، فلمن كانت العاقبة؟ وأين آثارهم وأين مثواهم؟ قال الله جل شأنه في القرآن الكريم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة: 61]، وقال الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) [الأحزاب: 57]. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " ومن سُنة الله أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإنَّ الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى، وكما قال الله سبحانه: ;فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ; [الحجر: 94 و 95]. والقصة في إهلاك الله المستهزئين واحداً واحداً معروفة، قد ذكرها أهلُ السِّيَر والتفسير. وهذا والله أعلم تحقيق قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) [الكوثر: 3]؛ فكُلُّ من شَنَأَهُ أو أبغضه وعاداه فإنَّ الله تعالى يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً، فقد بارزني بالمحاربة " فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حَارَبَ الله تعالى حُرِبَ. وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أُهلكوا حين آذوا الأنبياء وقابلوهم بقبيح القول، أو العمل. وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذِّلة وباؤوا بغضِبٍ من الله، ولم يكن لهم نصير؛ لقتلهم الأنبياء بغير حق، مضموماً إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه. ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يَتُبْ إلا ولا بد أن يصيبه الله بقارعة. عباد الله، وختام هذه الوقفات نداء موجه للمسلمين في شرق الأرض وغربها شمالها وجنوبها. أولاً: اعلموا أن سمعة الإسلام وسمعة النبي صلى الله عليه وسلم مسئولية كل واحدٍ منكم، ذكوراً وإناثاً، فينبغي على كل أحد أن يكون سفير خير ومنبر هدى في بيان حقيقة دين الإسلام، وحقيقة دعوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. ثانياً: أتوجه للتجار ورجال الأعمال بأن يكون لهم موقفهم الحازم غيرة على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن يوقفوا كل التعاملات التجارية مع الدنمارك، حتى يتم الاعتذار وبشكل علني ورسمي عن ذلك العمل الذي أقدمت عليه هذه الصحيفة المستهترة، وليتذكروا أن المال زائل، لكن المآثر باقية مشكورة في الدنيا والآخرة، وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتصار له، ولهم أسوة في الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول، في موقفه الحازم من أبيه المنافق بل رأس المنافقين. فقد ثبت في الصحيحين أنَّ المنافق عبدالله بن أُبيِّ بن سلول ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام سيء، حيث قال: " والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " الحديث، وفيه في رواية الترمذي أنَّ ابنه الصحابي عبد الله بن عبد الله قال لأبيه: " والله لا تنفلت حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز، ولم يأذن لأبيه بدخول المدينة حتى اعتذر ورجع عن قوله، وقال: إنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير