واستشهد بالآيات الكريمة التي يقول تعالى فيها: ? اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ * وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? (الأنعام، 106 - 108)، مؤكداً أنها تؤسس لنهج أخلاقي إسلامي للتعامل بين أتباع الديانات والمذاهب المختلفة. وأوضح الشيخ الصفار أن خطابه يتزامن مع ما يحدث بين آونةٍ وأخرى من إساءة للإسلام وانتقاص للمقدسات والرموز وعلى رأسها شخصية الرسول الأعظم، والقرآن الكريم، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، وآخر ما حصل في بعض الصحف في الدنمارك والنرويج إذ أصدرت تلك الصحف كاركتورات تسيء لشخصية الرسول الأعظم، مشيراً أن هذه الجهات إنما تقومون بذلك تحت عنوان حرية التعبير عن الرأي، مؤكداً أن الحرية إذا ما وصلت إلى حد التجريح والانتقاص من شأن الآخرين لا تُصبح حرية، إنما تتحول إلى عدوان.
وأشار أن هذه الإساءة لم تبق في حدود الصحف والجرائد وإنما تعدّت ذلك إلى المحطات الفضائية، مؤكداً أنه لا يصح المرور على مثل هذا العمل الشنيع مرور الكرام ذلك لأن النبي الأكرم وآله الطاهرين هم أقدس شيءٍ في القلوب، ولذا ينبغي أن يكون للأمة موقفها تجاه مثل هذه الأحداث.
ولمعالجة الموضوع تطرق الشيخ الصفار إلى عدة نقاط:
• أولاً- مكانة الأمم والمجتمعات هي التي تصنع موقعيتها في الأوساط العامة، فإذا امتلكت الأمة رصيداً قوياً من المهابة والعزة فإن احترامها يكون أقوى، وعلى العكس من ذلك حال الأمم والمجتمعات الضعيفة.
وأكد أن الأمة الإسلامية تعيش حالة عميقة مؤسفة من الضعف على مختلف الأصعدة والمجالات: الإعلام، السياسات الدولية، العطاء العلمي، وغيرها، ولذلك تجرأ عليها الآخرون، وأصبحت عرضةً للتهكم والسخرية. وعرض سماحته مقارنة مؤلمة بين واقع الأمة الإسلامية واليهود على هذا الصعيد.
• ثانياً- ينبغي أن لا تكون ردة الفعل تجاه هذه الإساءات انفعالية، مؤكداً على ضرورة أن تكون نظرتانا للآخرين نظرة موضوعية متكاملة، فهناك من يُشيد بالإسلام وهم الفئة الأغلب في المجتمعات الأخرى، وأضاف: ينبغي أن يكون ردّنا عقلانياً، فلا نسكت عن هذه الإساءة، ولكن يجب أن نُخطط للأسلوب الأمثل في الرد، إذ لا يصح التعميم.
• ثالثاً- علينا أن نعود لأنفسنا، لنسلط الضوء على نقاط الضعف عندنا، فالممارسات التي تقوم بها بعض الجهات الإسلامية أعطت الفرصة للعالم حتى يتخذ منحى السخرية من الإسلام والمسلمين، تلك الممارسات التي تمثلت بمختلف الصور المشاهد من قتل الأبرياء على مشاهد القنوات الفضائية، وخطب الجمعة التي فيها دعاء على جميع اليهود والنصارى بالهلاك دون تمييز بين المعادي وغيره، إضافةً لفتاوى بعض العلماء التي تستنكر مساعدة المنكوبين بالظواهر الطبيعية من المجتمعات غير الإسلامية معتبرةً ذلك نوعاً من أنواع العذاب لهم على كفرهم.
• رابعاً- الإسلام ومنذ اليوم الأول أرسى قواعد الأدب، وأخلاق التعامل، ليُعطي بذلك الموقف الصائب تجاه حالة التنوع والتعدد الديني الطبيعية في المجتمع الإنساني.
وأشار الشيخ الصفار إلى ومضات من وحي الآيات القرآنية التي تؤصل هذا النهج القرآني:
1 - ينبغي الالتزام بالنهج الإسلامي الصحيح الذي أنزله الله تعالى، ? اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ?.
2 - ينبغي أن لا يُمثل التعدد والتنوع عقدة عند الإنسان المسلم، فعليه أن يوجّه خطابه ودعوته للناس، ومن لم يؤمن فليس يضرنا شيء، وينبغي الإعراض عنه دون أن يُعرقل ذلك من مسيرة المجتمع الإسلامي، ? وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ ?.
¥