تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنها محنة تناولت بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) في أحب نسائه إليه، وهي الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) فيما يسمى بحادثة الإفك، وقد كانت تلك الحادثة حلقة من سلسلة فنون الإيذاء والمحن التي لقيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أعداء الدين، وكان من لطف الله تعالى بنبيه وبالمؤمنين أن كشف زيفها وبطلانها، وسجلها في قرآن يتلى إلى يوم الدين، لتكون مواقف يتأسى بها المؤمنون عندما يتعرضون في حياتهم لمثل هذا العداء، فقد انقطع الوحي،وبقيت الدروس لتكون عبرة وعظة للأجيال المتعاقبة.

ومجمل القصة كما جاء في الصحيحين: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا أراد أن يخرج للسفر، أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها، فلما كانت غزوة بني المصطلق خرج سهم عائشة (رضي الله عنها) فخرجت معه (صلى الله عليه وسلم)، فلما رجعوا من الغزوة، نزل الجيش في بعض المنازل ليلاً، فخرجت عائشة (رضي الله عنها) لحاجتها، فانفرط عقدها، فأخذت تجمعه، بينما تحرك الجيش، وهم يظنون أنها في الهودج فلما رجعت لم تجد أحداً، فظنت أنهم سيفتقدونها ويرجعون في طلبها، فقعدت مكانها، وغلبتها عيناها فنامت، وكان صفوان بن المعطل (رضي الله عنه) من وراء الجيش، فلما رأها عرفها، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فاستيقظت على استرجاعه، فأناخ راحلته، وقربها إليها، فركبتها، ولم يكلمها كلمة واحدة، ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة، فلما رأى الناس ذلك تكلم كل منهم بشاكلته، وما يليق به، واتهم المنافقون عائشة (رضي الله عنها) في عرضها الشريف، وأخذوا يلوكون الحديث ويشيعونه حتى انتشر في المدينة كلها، وقد مكث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مدة لا يوحى إليه في شأن عائشة بشيء، حتى اشتد الأمر عليه (صلى الله عليه وسلم) واستشار بعض أصحابه فأشار عليه بعضهم بطلاقها، وبينما الفتنة في أوجها، والمحنة في أشدها إذ جاء فرج الله ـ تعالى ـ فشهد الله تعالى ببراءة عائشة (رضي الله عنها) في قرآن يتلى إلى يوم القيامة.

{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النور/10ـ 18)

وقوله تعالى (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) نزلت في الذين قذفوا عائشة (رضي الله عنها) فأخبر الله أن ذلك كذب، و (الإفك) هو الكذب، ونال النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وجماعة من المسلمين غم شديد وأذى وحزن. (والذي تولى كبره) روي أنه: عبد الله بن أبي بن سلول، وكان منافقاً و (كبره) هو عظمه، وإن عظم ما كان فيه لأنهم كانوا يجتمعون عنده وبرأيه وأمره كانوا يشيعون ذلك ويظهرونه وكان هو يقصد بذلك أذى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

(أحكام القرآن 5/ 161)

4ـ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً} (الأحزاب/57) قوله {لعنهم الله في الدنيا والآخرة} يقول تعالى ذكره: أبعدهم الله من رحمته في الدنيا والآخرة وأعد لهم في الآخرة عذابا يهينهم فيه بالخلود فيه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير