تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

28ـ السب جناية لها موقع يزيد على سائر الجنايات بحيث يستحق صاحبها من العقوبة مالا يستحقه غيره و إن كان كافراً حربياً مبالغاً في محاربة المسليمين و أن وجوب الانتصار ممن كان هذه حالة كان مؤكداً في الدين و السعي في إهدار دمه من أفضل الأعمال و أوجبها و أحقها بالمسارعة إليه و ابتغاء رضوان الله تعالى فيه و أبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده و فرضه عليهم.

29 ـ و من تأمل الذين أهدر النبي (صلى الله عليه و سلم) دماؤهم يوم الفتح و اشتد غضبه عليهم حتى قتل بعضهم في نفس الحرم و أعرض عن بعضهم و انتظر قتل بعضهم وجد لهم جرائم زائدة على الكفر و الحراب من ردة و قتل و نحو ذلك و جرم أكثرهم إنما كان من سب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) و أذاه بألسنتهم فأي دليل أوضح من هذا على أن سبه و هجاءه جناية زائدة على الكفر و الحراب، لا يدخل في ضمن الكفر كما يدخل سائر المعاصي في ضمن الكفر و على أن المعاهدين إذا نقضوا العهد و فيهم من سب النبي (صلى الله عليه و سلم) كان للسب عقوبة زائدة على عقوبة مجرد نقض العهد.

الصارم المسلول 1/ 292

30 ـ الرسول له نعت البشرية و نعت الرسالة كما قال: {سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا} [الاسراء: 93] فمن حيث هو بشر له أحكام البشر و من حيث هو رسول قد ميزه الله سبحانه و فضله بما خصه به. فسبه موجب للعقوبة من حيث هو بشر كغيره من المؤمنين، و موجب العقوبة من حيث هو رسول بما خصه الله به، لكن إنما أوجب القتل من حيث هو رسول فقط؛ لأن السب المتعلق بالبشرية لا يوجب قتلاً وسبه من حيث هو رسول حق الله فقط، فإذا أسلم الساب انقطع حكم السب المتعلق برسالته كما انقطع حكم السب المتعلق بالمرسل، فسقط القتل الذي هو موجب ذلك السب و يبقى حق بشريته من هذا السب و حق البشرية إنما موجب جلد ثمانين.

1/ 341 الصارم المسلول

31ـ قال تعالى: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) يقول تعالى وإن نكث المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم أي عهودهم ومواثيقهم {وطعنوا في دينكم} أي عابوه وانتقصوه ومن ههنا أخذ قتل من سب الرسول صلوات الله وسلامه عليه أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بنقص ولهذا قال: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون} أي يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال وقد قال قتادة وغيره: أئمة الكفر كأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف وعدد رجالا.

تفسير ابن كثير 2/ 447

[ line]

( ج) فصل في الصبر والنصر.

[ line]

1 ـ الصبر على الأذى والاستمرار في الدعوة

(واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم): واصبر يا محمد على ما أصابك من أذى في الله {وما صبرك إلا بالله} يقول: وما صبرك إن صبرت إلا بمعونة الله وتوفيقه إياك لذلك {ولا تحزن عليهم} يقول: ولا تحزن على هؤلاء المشركين الذين يكذبونك وينكرون ما جئتهم به في آن ولوا عنك وأعرضوا عما أتيتهم به من النصيحة {ولا تك في ضيق مما يمكرون} يقول: ولا يضيق صدرك بما يقولون من الجهل ونسبتهم ما جئتهم به إلى أنه سحر أو شعر أو كهانة {مما يمكرون}: مما يحتالون بالخدع في الصد عن سبيل الله ومن أراد الإيمان بك والتصديق بما أنزل الله إليك.

تفسير الطبري 7/ 666

2ـ قال تعالى: (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود)

يقول تعالى ذكره مسليا نبيه محمداً (صلى الله عليه وسلم) عما يناله من أذى المشركين بالله وحاضاً له على الصبر على ما يلحقه منهم من السب والتكذيب: وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله على ما أتيتهم به من الحق والبرهان وما تعدهم من العذاب على كفرهم بالله فذلك سنة إخوانهم من الأمم الخالية المكذبة رسل الله المشركة بالله ومنهاجهم من قبلهم فلا يصدنك ذلك فإن العذاب المهين من ورائهم ونصري إياك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك كما آتى عذاب على أسلافهم من الأمم الذين من قبلهم بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال فقد كذبت قبلهم: يعني مشركي قريش قوم نوح وقوم عاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وهم قوم شعيب: يقول: كذب كل هؤلاء رسلهم وكذب موسى فقيل: وكذب موسى ولم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير