تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثمة حلقة خفية أخرى تم الكشف عنها تلقي أضواء على بعد آخر للقضية. دور «المحفل السري «كثير من الأساتذة والمحللين الغربيين لفتوا الأنظار في الفترة الماضية الى الدور الذي قامت به جماعة سرية اسمها «جماعة بايلدربيرج «في تفجير أزمة رسوم الاساءة للرسول.

وبداية لهذه الجماعة حكاية غريبة. هذه الجماعة نشأت في عام 1954، وعقدت اجتماعها الاول في فندق «بايلدربيرج «في هولندا، ومن هنا جاء اسمها. كان الهدف الاساسي المعلن لانشائها في البداية هو تعزيز التفاهم بين اوروبا وامريكا عبر مناقشات مفتوحة غير رسمية تهم الجانبين. لكن في السنين التالية، أصبح لها دور وأهمية استثنائية. منذ نشأتها تعقد الجماعة اجتماعا دوريا سنويا يستمر لأربعة أيام. مكان الاجتماع ليس سرا، وأيضا عناوين الموضوعات التي تناقشها ليس سرا. فهي الموضوعات والقضايا المطروحة على الغرب والعالم عموما. لكن ما يدور في اجتماعاتها من نقاشات هو سر مطلق لا يعلم به احد شيئا، الا المشاركون بالطبع، ولا يتسرب أي شيء عنه على الاطلاق لأجهزة الاعلام. مرات نادرة جدا تسربت فيها بعض المعلومات عما تناقشه الاجتماعات. الهدف المعلن للسرية هو اتاحة المجال للنقاش الحر المفتوح دون الخضوع للقيود الرسمية ولقيود الاعلام.

ولكن ليست هذه هي الحقيقة. يشارك في اجتماعات هذه الجماعة ما لا يزيد على مائة من أمريكا وأوروبا فقط. هؤلاء المائة يمثلون أباطرة المال والسياسة والاعلام في أوروبا وأمريكا .. ملوك ورؤساء دول ورؤساء وزارات ورجال بنوك واعمال وأباطرة الصحافة والاعلام والمفكرون الاستراتيجيون. . الخ. باختصار يمثل هؤلاء «نخبة النخبة «في أمريكا واوروبا الذين يملكون مقادير الاقتصاد والسياسة والاعلام والفكر. لنا ان نعلم مثلا ان من هؤلاء الذين يشاركون في اجتماعات الجماعة في السنوات الماضية اسماء مثل، رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي ــ هنري كيسنجر ــ ممثلين لآل كنيدي وآل روتشيلد وآل روكفلر، وبول ولفويتز، ووليام فوبرايت، وجيرالد فورد، وريتشارد بيرل، وغيرهم من الحكام والصفوة النافذة في أمريكا والدول الاوروبية. هذه الجماعة في اجتماعاتها لا تتخذ قرارات عن طريق التصويت مثلا. هي تتخذ قرارات على «قاعدة التوافق «. بعبارة أخرى تضع سرا الاستراتيجيات الكبرى التي يتبعها الغرب، ومن ثم يتم تطبيقها في العالم كله. بعبارة ثانية، القرارات المتعلقة بشن الحروب والانقلابات والاقتصاد العالمي وحتى الاغتيالات الكبرى، تتخذها هذه الجماعة. وحين يتم «التوافق «في اجتماعاتها على استراتيجية او سياسة معينة، من المتوقع ان يأخذ بها الغرب كله، ذلك ببساطة ان هؤلاء هم الذين يحكمون عمليا، وهم الذين يمسكون بمقادير الاقتصاد والمال والاعلام والسياسة في الغرب. على ضوء طبيعة اعضاء هذه الجماعة ونفوذها المذهل في تحديد استراتيجيات الغرب وسياساته وسرية اجتماعاتها وقراراتها، لم يكن غريبا ان يعتبرها الكثيرون «حكومة سرية «تحكم العالم فعليا، او «سادة العالم «الذين يحكمون عمليا من وراء ستار.

هي بعبارة اخرى اشبه ما تكون بـ «محفل سري «يحكم العالم. بالمناسبة، الا يذكرنا هذا بما جاء في «بروتوكولات صهيون «عن «حكومة سرية «تحكم العالم من وراء ستار؟ ما هي علاقة هذا «المحفل السري «بقضية الرسوم المسيئة للرسول؟ آخر اجتماع لهذه الجماعة عقد في الفترة من 5 الى 8 مايو 2005م في بافاريا بألمانيا. كثير من المحللين الغربيين والمتابعين لاجتماعات هذه الجماعة يؤكدون ان قضية هذه الرسوم المسيئة للرسول تم عرضها على الاجتماع ومناقشتها وتقرير نشرها. وهم يدللون على ذلك بشواهد كثيرة. منها ان من الذين حضروا هذا الاجتماع الاخير بعضاً من غلاة الصهاينة من المحافظين الجدد في أمريكا الذين يقودون الحملة على الاسلام والحرب على العالم العربي والاسلامي. من هؤلاء مثلا الذين شاركوا مايكل ليدن، وريتشارد بيرل، وبول ولفويتز وغيرهم. ومن المتوقع ان يكون هؤلاء في طليعة من بادروا بطرح القضية والتحمس لها. ومن أهم هذه الشواهد على مناقشة الاجتماع للقضية ان من الذين شاركوا فيه اندير الدريب من الدنمارك، وهو من كبار رجال الاعمال العاملين في مجال النفط والغاز. والاهم من هذا انه زوج ميريت الدريب، وهي المديرة التنفيذية لشركة النشر التي تصدر صحيفة «جلاندس بوسطن «التي نشرت الرسوم. ولكن لماذا؟ .. إن صح ان اجتماع هذا «المحفل السري «قد ناقش وأقر نشر هذه الرسوم فلأي هدف بالضبط؟ الذي يثار هنا ان الاجتماع قرر شن حرب جديدة في المنطقة، وانه لهذه الغاية ناقش سيناريو لشن حملة دعائية مكثفة وضخمة لإقناع الأمريكيين والأوروبيين بضرورة شن هذه الحرب، وتهيئتهم لذلك ولضمان تأييدهم. وفي هذا السياق بالضبط، يأتي نشر الرسوم المسيئة للرسول بهذا الشكل الذي جاءت به بالذات. أي لإثارة فزع الغربيين من خطر الاسلام والمسلمين على «الحضارة الغربية «ومن ثم حشدهم وراء أي حرب جديدة. غير أن أهداف وغايات هذه الجريمة أبعد من هذا بكثير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير