وفي رواية: (شهادة أن لا إله إلا الله وعقد واحدة) وفي الطريق الأخرى: (قال: وأمرهم بأربع , ونهاهم عن أربع. قال: أمرهم بالإيمان بالله وحده. قال: وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وأن تؤدوا خمسا من المغنم). وفي الرواية الأخرى قال: (آمركم بأربع , وأنهاكم عن أربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأقيموا الصلاة , وآتوا الزكاة , وصوموا رمضان , وأعطوا الخمس من الغنائم). هذه ألفاظه هنا وقد ذكر البخاري هذا الحديث في مواضع كثيرة من صحيحه وقال فيه في بعضها " شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وذكره في باب إجازة خبر الواحد , وذكره في باب بعد باب نسبة اليمن إلى إسماعيل صلى الله عليه وسلم في آخر ذكر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , وقال فيه: " آمركم بأربع , وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان " , بزيادة واو. وكذلك قال فيه في أول كتاب الزكاة: الإيمان بالله , وشهادة أن لا إله إلا الله " بزيادة واو أيضا. ولم يذكر فيها الصيام. وذكر في باب حديث وفد عبد القيس: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله. فهذه ألفاظ هذه القطعة في الصحيحين , وهذه الألفاظ مما يعد من المشكل وليست مشكلة عند أصحاب التحقيق. والإشكال في كونه صلى الله عليه وسلم قال: " آمركم بأربع ". والمذكور في أكثر الروايات خمس. واختلف العلماء في الجواب عن هذا على أقوال أظهرها: ما قاله الإمام ابن بطال رحمه الله تعالى في شرح صحيح البخاري قال: أمرهم بالأربع التي وعدهم بها , ثم زادهم خامسة , يعني أداء الخمس , لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر , فكانوا أهل جهاد وغنائم. وذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح نحو هذا فقال قوله: أمرهم بالإيمان بالله أعاده لذكر الأربع ووصفه لها بأنها إيمان ثم فسرها بالشهادتين والصلاة والزكاة والصوم فهذا موافق لحديث بني الإسلام على خمس ولتفسير الإسلام بخمس في حديث جبريل صلى الله عليه وسلم وقد سبق أن ما يسمى إسلاما يسمى إيمانا وأن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان. وقد قيل إنما لم يذكر الحج في هذا الحديث لكونه لم يكن نزل فرضه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " وأن تؤدوا خمسا من المغنم " فليس عطفا على قوله " شهادة أن لا إله إلا الله " فإنه يلزم منه أن يكون الأربع خمسا , وإنما هو عطف على قوله " بأربع " فيكون مضافا إلى الأربع لا واحدا منها ; وإن كان واحدا من مطلق شعب الإيمان. قال: وأما عدم ذكر الصوم في الرواية الأولى فهو إغفال من الراوي وليس من الاختلاف الصادر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل من اختلاف الرواة الصادر من تفاوتهم في الضبط والحفظ على ما تقدم بيانه. فافهم ذلك وتدبره تجده إن شاء الله تعالى مما هدانا الله سبحانه وتعالى لحله من العقد. هذا آخر كلام الشيخ أبي عمرو. وقيل في معناه غير ما قالاه مما ليس بظاهر فتركناه. والله أعلم.
وأما قول الشيخ إن ترك الصوم في بعض الروايات إغفال من الراوي وكذا قاله القاضي عياض وغيره وهو ظاهر لا شك فيه قال القاضي عياض رحمه الله: وكانت وفادة عبد القيس عام الفتح قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونزلت فريضة الحج سنة تسع بعدها على الأشهر. والله أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وأن تؤدوا خمس ما غنمتم) ففيه إيجاب الخمس من الغنائم وإن لم يكن الإمام في السرية الغازية وفي هذا تفصيل وفروع سننبه عليها في بابها إن وصلناه إن شاء الله تعالى. ويقال: (خمس) بضم الميم وإسكانها. وكذلك الثلث والربع والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر بضم ثانيها ويسكن والله أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير) وفي رواية: (المزفت) بدل المقير فنضبطه ثم نتكلم على معناه إن شاء الله تعالى. فالدباء بضم الدال وبالمد وهو القرع اليابس أي الوعاء منه.
وأما (الحنتم)
فبحاء مهملة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة ثم ميم الواحدة حنتمة.
وأما (النقير)
فبالنون المفتوحة والقاف.
¥