وفد عبد القيس خير أهل المشرق وفيهم الأشج العصري غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين إذ لم يسلم قوم حتى وتروا ".
قال: وقولهم:
(إنا هذا الحي من ربيعة)
لأنه عبد القيس بن أفصى يعني بفتح الهمزة وبالفاء والصاد المهملة المفتوحة ابن دعمي بن جديلة بن أسد به ربيعة بن نزار وكانوا ينزلون البحرين الخط وأعنابها وسرة القطيف والظهران إلى الرمل إلى الأجرع ما بين هجر إلى قصر وبينونة ثم الجوف والعيون والأحساء إلى حد أطراف وسائر بلادها. هذا ما ذكره صاحب التحرير. قولهم: (إنا هذا الحي) فالحي منصوب على التخصيص. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح الذي نختاره نصب (الحي) على التخصيص ويكون الخبر في قولهم من ربيعة ومعناه إنا هذا الحي حي من ربيعة. وقد جاء بعد هذا في الرواية الأخرى: (إنا حي من ربيعة). وأما معنى الحي فقال صاحب المطالع: الحي اسم لمنزل القبيلة , ثم سميت القبيلة به لأن بعضهم يحيا ببعض.
قولهم: (وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر)
سببه أن كفار مضر كانوا بينهم وبين المدينة , فلا يمكنهم الوصول إلى المدينة إلا عليهم.
قولهم: (ولا نخلص إليك إلا في شهر الحرام)
معنى نخلص: نصل , ومعنى كلامهم: أنا لا نقدر على الوصول إليك خوفا من أعدائنا الكفار إلا في الشهر الحرام , فإنهم لا يتعرضون لنا , كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرام , وامتناعهم من القتال فيها. وقولهم: (شهر الحرام) كذا هو في الأصول كلها بإضافة شهر إلى الحرام , وفي الرواية الأخرى أشهر الحرم. والقول فيه كالقول في نظائره من قولهم: مسجد الجامع , وصلاة الأولى. ومنه قول الله تعالى: {بجانب الغربي} {ولدار الآخرة} فعلى مذهب النحويين الكوفيين هو من إضافة الموصوف إلى صفته , وهو جائز عندهم. وعلى مذهب البصريين لا تجوز هذه الإضافة ولكن هذا كله عندهم على حذف في الكلام للعلم به فتقديره: شهر الوقت الحرام , وأشهر الأوقات الحرم , ومسجد المكان الجامع , ودار الحياة الآخرة , وجانب المكان الغربي , ونحو ذلك. والله أعلم. ثم إن قولهم: (شهر الحرام) المراد به جنس الأشهر الحرم وهي أربعة أشهر حرم كما نص عليه القرآن العزيز , وتدل عليه الرواية الأخرى بعد هذه (إلا في أشهر الحرم). والأشهر الحرم هي ذو القعدة , وذو الحجة , والمحرم , ورجب. هذه الأربعة هي الأشهر الحرم بإجماع العلماء من أصحاب الفنون. ولكن اختلفوا في الأدب المستحسن في كيفية عدها على قولين حكاهما الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكتاب قال: ذهب الكوفيون إلى أنه يقال: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. قال: والكتاب يميلون إلى هذا القول ليأتوا بهن من سنة واحدة قال: وأهل المدينة يقولون ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. وقوم ينكرون هذا ويقولون جاءوا بهن من سنتين. قال أبو جعفر: وهذا غلط بين وجهل باللغة لأنه قد علم المراد , وأن المقصود ذكرها , وأنها في كل سنة ; فكيف يتوهم أنها من سنتين. قال: والأولى والاختيار ما قاله أهل المدينة لأن الأخبار قد تظاهرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قالوا من رواية ابن عمر وأبي هريرة وأبي بكرة رضي الله عنهم قال: وهذا أيضا قول أكثر أهل التأويل. قال النحاس: وأدخلت الألف واللام في المحرم دون غيره من الشهور. قال: وجاء من الشهور ثلاثة مضافات شهر رمضان وشهرا ربيع. يعني والباقي غير مضافات. وسمي الشهر شهرا لشهرته وظهوره. والله أعلم.
قوله: صلى الله عليه وسلم: (آمركم بأربع , وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله , ثم فسرها لهم فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وأن تؤدوا خمس ما غنمتم)
¥