تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[معالي]ــــــــ[09 - 05 - 2006, 03:05 ص]ـ

العلم الكبير د. فخر الدين قباوة، حفظه الله ونفع به.

قبل أن أبدأ في إتحافكم بما عثرتُ عليه من ترجمة له، سأنقل إليكم رسالة مؤثرة بعث بها الابن محمد فاخر فخر الدين قباوة إلى والده الدكتور فخر الدين، وهي رسالة مؤثرة بصدق!

بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة وفاء للدكتور فخر الدين قباوة

والدي الفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد حمدِ الله عزّ وجلّ، والصلاة على نبيّه وآله وصحبه والتابعين، أستأذنُكم بافتتاح هذه الصفحة، عسى أن تبقى شمعةً تضيء كما عهدتُكم منذ وعيتُ على دنياي هذه.

لستُ أدري – يا والدي – إنْ كان أحدٌ من المطّلعين على هذه الصفحة، سوف يشاركني فيما أكنّهُ لشخصكم الكريم من احترام وتبجيل.

فإنّ مَن يعرف كيف ترعرعتُم في أُسرة متواضعة، وكيف تابعتم تحصيل العلوم، وعينٌ في الكتاب، فيما الأخرى تراقب آلة النسيج، قد يتخيّل بعض المعاناة التي واكبت خطواتكم أثناء التحصيل العلمي، الذي تكلّل – بحمد الله – بالحصول على شهادة الدكتوراه في علم النحو والصرف، من جامعة القاهرة في أواسط العقد السادس من هذا القرن.

كما أن الذي يتتبّع خطواتكم فيما بعد، قد يعلم مقدار صعوبة البقاء في القمّة، التي تتجاوز – بمراحل – مشقّة التربّع عليها.

حيث دارت الأيام بسرعة، ومع كل عام، أرى كتاباً - من تحقيقكم أو تأليفكم – يصدر للنشر في سائر أرجاء هذا الوطن، ومع كل كتاب يصدر، كانت عيناي ترقب تلك الشمعة الخالدة وهي تضيء وتحترق في آن.

منذ ربع قرن، حين ودعتكم للمرة الأولى وأنتم في طريقكم إلى جامعة بكّين، ذكرتُ قول رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – " اطلُبوا العِلم ولو في الصين ".

وبعدها بسنوات، ودّعتُكم في بداية مشوار الغربة إلى " جامعة فاس " – الذي استمرّ أربع سنوات، شعرتُ بعضاً من فداحة الضريبة التي يتحمّل أعباؤها العلماء.

ودمعت عيني، حين وصلتني رسالتكم – من فاس – بغير الخط الذي عهدتُه في رسائل سابقة!

وقرأتُ تبريركم – حينها – بأن الإبهام الأيمن استراح من عناء الكتابة بعد المشوار الطويل، فاضطرّكم إلى الكتابة باليد اليسرى.

أجل – والدي الفاضل – دمَعَتْ عيني فيما تراءت لي تلك الشمعة الشامخة، تضيء – هناك في جامعة فاس – وتحترق في آن.

وأبَت الغربة أن تفارقكم، لأجد نفسي أُودّعُكم - للمرّة الثالثة- في طريقكم إلى " جامعة العَين ".

وأخيراً، وليس آخراً، وجدتُ نفسي أُودّعكم في الطريق إلى " جامعة القصيم " لغربة دامت سنوات.

وعادت الغصّة تخنقني حين جاءتني رسالتكم – من القصيم – مطبوعة بواسطة " الكِبْتار " كما اجتهدتُم في اقتراح اسم مُعَرّبٍ للحاسب، وكان تبريركم بأن الإبهام الأيسر – أيضاً – استراح بعد طول عناء.

فللّه درّ تلك الشمعة الشامخة التي مافتئت تضيء وتحترق في آن.

والآن – في هذه اللحظات – لازلتُ أذكرُ وداعكم لي – منذ ستة أعوام – حين جاء دوري للاغتراب، وأمامكم الكبتار، وأنتم عاكفون في تحقيق كتاب " تفسير الجلالَين " ……

وماذا بعد يمكن أنْ يُقال؟

بارك الله بكم والدي الكريم، وأدام لكم الصحة وحسن الخاتمة،

وأسأل الله لكم العافية في الدنيا والآخرة، فلم تُوفِّر وسعاً في تخليد عِلمٍ يُنتفًعُ به وسيبقى - بإذن الله - صَدَقة جارية، وأسأل الله أن يجعلني وإخوتي من الصالحين، كي ندعو لكم على الدوام، ولمثل ذلك فليتسابق المتسابقون.

وأتركُ هذه الصفحة الآن، عسى أن يقرأها بعض من قرأ لكم،

فيضيف إلى هذه الصفحة مايُنبئ عما تركتهُ عمداً من الخوض في غزارة وأهمية ما أنجزتموهُ من أعمال.

وَإِنَّ (فَخْراً) لَتأْتَمُّ (النُحاةُ) بهِ ... كأَنّما عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ

والسلام عليكم.

محمد فاخر قباوة - موسكو

ثم يعقب الأستاذ محمد بالقول:

وأتوجّهُ الآن إلى قارئ هذه الصفحة الكريم متسائلاً:

إلى متى نبقى على هذه الحال؟! فلا نذْكُر أَعلامَ هذا الوطن، إلاّ بعد فقدانهم، فنسعى إلى ذكراهم البرونزية والفضية والذهبية فالمئوية؟

أليس حرِيٌّ بنا أن نرعاهم قبل فقدانهم؟

وطبيعيّ ألاّ ينحصر سؤالي هذا في ذِكرِ والدي فحسْب، فالأعلام كُثًرٌ على ندرتِهِم، ولاشكّ أنهم بحاجةٍ إلى بعض ردّ الاعتبار.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير