فأنا لا أعرف صوتا موسيقيا جميلا لشجرة صفراء ولا أعرف كنه (الكلمة الموحية) وعلاقتها بالموسيقى؟ وما قصدك بنسبة الموسيقى إلى الإله تارة وإلى الطبيعة تارة وما الفرق بين النسبتين؟
مهما يكن من أمر
أصل الموسيقى وتعريفها العلمي أنها:صوت وزمن، ويدخل بالصوت هنا كل صوت تستقبله إذن السامع لكل شيء بالدنيا،أما الزمن فهو نظام المسافات بين صوتين.
والأم حينما تحتضن وليدها وتهز يدها على جسمه بضربات منظمة لينام، فاعلم أنها حركة موسيقية، هذا تقريب لمفهوم بعيد عند عدم وجود المثال.
الموسيقى الإلهية التي أشرتَ إليها تدخل ضمن هذا المفهوم، وهذا يدلنا أن الموسيقى لها أصل في المخلوقات ولم تكن ابتكارا من خلق الإنسان، وليس هذا غرضنا من الموضوع، إنما غرضنا التأكيد على حقيقة ميل الإنسان بفطرته على حب الموسيقى.
ولو أخذنا على سبيل المثال (الفن الصنعاني) الذي أشار إليه الأستاذ محمد، فالمتمعن به يجد بينه والدين ارتباط كبير، ربما يكون لظرف ما مر على تاريخ هذا الفن.
أما في عصرنا الحديث، فقد استبدل كثير من المتدينين مسمى الغناء بالإنشاد، وأخذوا يتبادلون الأشرطة الإنشادية ويتهادونها، ومواقع الأنترنت بين يديك لترى الكثير من ذلك، حتى أن بعضهم يدخل على إنشاده مؤثرات صوتية تشبه إلى حد بعيد الآلات الموسيقية،بل وأصبحت أسماء بعض المنشدين أشهر من أسماء المغنين عند الناس.
أعود إلى الأستاذ محمد فأقول، كتبتَ هذا الموضوع فأثرت الشجون، وحركت السواكن، ومن الأشعار القديمة التي كنت أطرب لسماعها:
إن وجدي كل يوم في ازدياد ... والهوى يأتي على غير مراد
ياخليلي لاتلمني في الهوى ... ليس لي مما قضاه الله راد
أنا إن لم أهو غزلان النقا ... أي فرق بين قلبي والجماد
حينما أقول لك، هذا صوت (شامي) ومقامه (بياتي حسيني) ودرجته (لا)!
فيا محمد، كيف تقول بمن يستمع وهو على دراية علمية بنوع المقام ودرجته من السلم ويتذوق كل نغم في السلم الموسيقي ويميز الغث من السمين تماما كما يميز العروضي بحر القصيدة وصحة وزنها، فكيف إذا أضيف إلى ذاك الجمال شعر رقيق ومعان رائقة، ألستُ في حال كمن يقول:
صوني جمالك عنا إننا بشر ... خلق التراب وهذا الخلق رباني!
أم أعلل النفس مع ساحل الفن الصنعاني:
رضاك خير من الدنيا وما فيها ... وأنت للنفس أشهى من تمنيها
الله اعلم أن الروح قد تلفت ... شوقاً إليك ولكني أمنيها
ونظرةٌ منك ياسؤلي ويا أملي ... أشهى إلي من الدنيا وما فيها
إني وقفت بباب الدار اسالها ... عن الحبيب الذي قد كان فيها
فما وجدت بها طيفاً يكلمني ... سوى نواح حمامٍ في أعاليها
أم مع صوت:
فراقكم والله مر مذاقه ... وقربكم أحلى من المن والسلوى
نشرتم بساط البعد بيني وبينكم ... ألا يابساط البعد قل لي متى تطوى
إذا كان هناك من يستمع إلى الفن الهابط والكلام المبتذل والرقص الماجن، فنحن أول منتقديه، لكننا لانستطيع الانفكاك عن جمالٍ نعرف قدر مرتبته ونستشعر عنفوان تأثيره في النفس، وكل كريم طروب.
ـ[جلمود]ــــــــ[24 - 11 - 2007, 04:37 م]ـ
مشرفنا القدير أبي سارة سلام الله عليكم،
شكرا لك على مشاركتك الكريمة،
وعسى أن يوفقنا الله لما يحبه ويرضاه لعباده، والخلاف لا يفسد للود قضية.
الموسيقى فن قائم بذاته له أصول وقواعد تشبه إلى حد كبير أصول علم العرَوض، والإنسان الذي يزعم أنه لايحب الموسيقى إنما هو إنسان (غير طبيعي)
نشوة الطرب التي أشار إليها الأستاذ محمد، نتيجة طبيعية لشعور الإنسان الطبيعي، والإنسان الذي لايطرب للموسيقى هو إنسان غير طبيعي، تماما كالغصن الميت المصفر، وإن كان هناك من يحب الموت على هذا النحو فلا بأس، ولكن لانسمح له بقتل فطرتنا الطبيعية.
لا زلت أكرر أن معظم سلفنا الصالح وعلمائنا الأجلاء لم يبيحوا سماع موسيقى المعازف فضلا عن حبها والميل إليها، وإذ أقول هذا فإنني أقول أيضا أن البعض أجازها، وأقول أيضا أن من بين أعضاء شبكة الفصيح من لا يحب الموسيقى، فهل ـ يا مشرفنا القدير ـ تعدنا نحن وسلفنا الصالح من الأناس غير الطبيعيين أو من الموتى!! غفر الله لك!
¥