تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واعلم أن هذا الزيادة "من الخير" زيادة هامة تحدِّد المعنى المراد من الحديث بدقة , إذ أن كلمة "الخير" كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية وتخرج المنهيات؛ لأن اسم الخير لا يتناولها كما هو واضح , فمِن كمال خلق المسلم أن يحب لأخيه المسلم من الخير مثلما يحب لنفسه , وكذلك أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر, وهذا وإن لم يذكره في الحديث؛ فهو من مضمونه؛ لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه , فترك التنصيص عليه اكتفاءً؛ كما قال الكرماني , ونقله الحافظ في "فتح الباري" (1/ 54) وأقره.

وقد عزا هذه الزيادة بعض المخرجين للشيخين , وذلك من جهلهم بهذا العلم.

ـ[اسامة2]ــــــــ[13 - 12 - 2007, 07:27 م]ـ

وجوب ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مجلس

قال صلى الله عليه وسلم: ((ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه , ولم يصلّوا على نبيهم؛ إلا كان عليهم تِرَةً , فإن شاء عذَّبهم , وإن شاء غفر لهم)). أخرجه الترمذي وغيره.

وقال: ((ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله فيه؛ إلا حفتهم الملائكة , وتغشتهم الرحمة , ونزلت عليهم السكينة , وذكرهم الله فيمن عنده)). أخرجه ابن ماجه وغيره.

وقال: ((ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا فيه الله عز وجل , ويصلّوا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة , وإن دخلوا الجنة؛ للثواب)). رواه أحمد وغيره.

وقال: ((ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه؛ إلا قاموا على مثل جيفة حمار , وكان عليهم حسرة يوم القيامة)). رواه أبو داود وغيره.

وقال: ((من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه؛ كانت عليه من الله ترة , ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه؛ كانت عليه من الله ترة)). رواه أبو داود وغيره.

وقال: ((ما جلس قوم مجلساً , فلم يذكروا الله فيه؛ إلا كان عليهم ترة , وما من رجل مشى طريقاً , فلم يذكر الله عز وجل؛ إلا كان عليه ترةً , وما من رجل أوى إلى فراشه , فلم يذكر الله؛ إلا كان عليه ترة)). رواه أحمد وغيره.

وقال: ((ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله فيه؛ إلا رأوه حسرةً يوم القيامة)). أخرجه أحمد وغيره.

فقه الحديث:

لقد دلَّ هذا الحديث الشريف -وما في معناه- على وجوب ذكر الله سبحانه , وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مجلس , ودلالة الحديث على ذلك من وجوه:

أولاً: قوله: "فإن شاء عذبهم , وإن شاء غفر لهم"؛ فإن هذا لا يقال إلا فيما كان فعله واجباً وتركه معصية.

ثانياً: قوله: " وإن دخلوا الجنة للثواب"؛ فإنه ظاهر في كون تارك الذكر والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يستحق دخول النار , وإن كان مصيره إلى الجنة ثواباً على إيمانه.

ثالثاً: قوله: "وإلا قاموا على مثل جيفة حمار"؛ فإن هذا التشبيه يقتضي تقبيح عملهم كل التقبيح , وما يكون ذلك -إن شاء الله تعالى- إلا فيما هو حرام ظاهر التحريم. والله أعلم.

فعلى كل مسلم أن يتنبه لذلك , ولا يغفل عن ذكر الله عز وجل , والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم , في كل مجلس يقعده , وإلا؛ كان عليه ترة وحسرة يوم القيامة.

قال المناوي في "فيض القدير":"فيتأكد ذكر الله والصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس , وتحصل السنة في الذكر والصلاة بأي لفظ كان , لكن الأكمل في الذكر:"سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك , وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما في آخر التشهد ".

قلت: والذكر المشار إليه هو المعروف بكفارة المجلس , وقد جاء فيه عدة أحاديث , أذكر واحداً منها هو أتمها , وهو:

((من قال:سبحان الله وبحمده , سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك , فقالها في مجلس ذكر؛ كانت كطابع يطبع عليه , ومن قالها في مجلس لغوٍ؛ كانت كفارة له)). أخرجه النسائي وغيره.

ـ[اسامة2]ــــــــ[26 - 12 - 2007, 07:50 م]ـ

تأكيد سنّية صلاة الوتر

قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله زادكم صلاة, وهي الوتر؛ فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر)). رواه أحمد وغيره.

فقه الحديث:

يدل ظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم؛"فصلوها" على وجوب صلاة الوتر, وبذلك قال الحنفية؛ خلافاً للجماهير, ولولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة حصر الصلوات المفروضات في كل يوم وليلة بخمس صلوات؛ لكان قول الحنفية أقرب إلى الصواب, ولذلك فلا بد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب, بل لتأكيد الاستحباب, وكم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدنى من تلك الأدلة القاطعة, وقد انفك الأحناف عنها بقولهم: إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس, بل هو واسطة بينها وبين السنن, أضعف من هذه ثبوتاً, وأقوى من تلك تأكيداً!

فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث, لا تعرفه الصحابة ولا السلف الصالح, وهو تفريقهم بين الفرض والواجب ثبوتاً وجزاءً؛ كما هو مفصّل في كتبهم.

وإن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذاباً دون عذاب تارك الفرض؛ كما هو مذهبهم في اجتهادهم, وحينئذ يقال لهم: وكيف يصح ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس: "أفلح الرجل"؟! وكيف يلتقي الفلاح مع العذاب؟! فلا شك أن قوله صلى الله عليه وسلم هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة, ولهذا اتفق جماهير العلماء على سنيته وعدم وجوبه, وهو الحق.

نقول هذا مع التذكير والنصح بالاهتمام بالوتر, وعدم التهاون عنه؛ لهذا الحديث وغيره. والله أعلم.

(تنبيه): جاء في بعض رواية حديث: "أفلح الرجل" زيادة: "وأبيه", وهي شاذة, ومثلها في حديث آخر, وقد بينت ذلك بياناً شافياً في "الضعيفة" في المجلد العاشر (رقم4992).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير