تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا هم العبد بعمل الحسنة ولم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة من دون مضاعفة لها، وقوله: (إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة) المراد به الهمُّ والعزم المصمم الذي يوجد معه الحرص على العمل، وليس مجرد الخاطر العابر، ومما يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في المسند بإسناد صحيح: (فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه وحرص عليها كتبت له حسنة)، وهذه هي نية الخير التي ينبغي على العبد أن يستصحبها في كل عمل، ليكتب له أجر العمل وثوابه ولو لم يعمله، وفي الحديث الصحيح: (إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا شركوكم في الأجر حبسهم العذر) رواه مسلم، قال زيد بن أسلم: " كان رجل يطوف على العلماء يقول من يدلني على عمل لا أزال معه لله عاملا، فإني لا أحب أن يأتي على ساعة من الليل والنهار إلا وأنا عامل لله تعالى، فقيل له: قد وجدتَ حاجتك، فاعمل الخير ما استطعت، فإذا فترت أو تركت، فَهِمَّ بعمله فإن الهامَّ بفعل الخير كفاعله ".

2 - عمل الحسنة

النوع الثاني هو عمل الحسنات فإذا عمل العبد الحسنة ضاعفها الله له إلى عشر أمثالها، وهذه المضاعفة ملازمة لكل حسنة يعملها العبد، وأما زيادة المضاعفة على العشر فهي لمن شاء الله أن يضاعف له، فقد تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، كما ثبت ذلك في نصوص عديدة منها قوله تعالى في النفقة: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} (البقرة 261)، فدلت هذه الآية على أن النفقة في سبيل الله تضاعف إلى سبعمائة ضعف، وفي السنن عن خريم بن فاتك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف)، وقد تضاعف إلى أكثر من ذلك كما في حديث دعاء السوق الذي رواه الترمذي عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة).

وهناك أعمال لا يعلم مضاعفة أجرها إلا الله سبحانه كالصوم ففي الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) أخرجاه في الصحيحين، لأنه أفضل أنواع الصبر، وإنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب.

ومضاعفة الحسنات زيادة على العشر تكون بأمور منها: حسن إسلام المرء كما جاء ذلك مصرحاً به في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقي الله) رواه مسلم، ومنها كمال الإخلاص، وفضل العمل، وزمن إيقاعه، وشدة الحاجة إليه.

3 - الهم بالسيئة

النوع الثالث: الهم بالسيئات من غير عمل لها، فإذا هم العبد بفعل سيئة ثم تركها من أجل الله فإنها تكتب له حسنة كاملة، بشرط أن يقدر عليها ثم يتركها خوفاً من الله كما في الحديث السابق (إنما تركها من جراي) يعني من أجلي.

وأما إن هم بالسيئة ثم تركها مراءاة للمخلوقين أو خوفاً منهم، أو عجزاً عنها، فإنه لا يستحق أن تكتب له حسنة كاملة، بل تكتب عليه سيئة النية كما في حديث: (إنما الدنيا لأربعة نفر) وذكر منهم رجلاً لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان من أهل المعصية والفسق فقال عليه الصلاة والسلام: (فهو بنيته فوزرهما سواء) رواه الترمذي.

وأما إن سعى إلى المعصية ما أمكن ثم حال بينه وبينها القدر فقد ذكر جماعة من أهل العلم أنه يعاقب عليها حينئذ عقاب من فعلها، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟! قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير