ففي البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: (كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله يه وسلم - فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} (لأنفال 24)، ثم قال لي: لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته
سارة: إلي حديث اليوم إذن يا شيخنا
الشيخ:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) وفي رواية قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفهالعبدي الحديث رواه الإمام مسلم وأصحاب السنن الأربعة
أنس: من هم أصحاب السنن الأربعة ولماذا أربعة وليسوا خمسة
الشيخ:قلنا في المرة السابقة معني السنن وأن أصحابها يرتبون أحاديثهم كترتيب أبواب الفقه واشتهر من هؤلاء الأئمة ستة كتب البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة هؤلاء الستة اصطلح المحدثون علي تسميتهم بلفظ (الجماعة) ولا مشاحة في الاصطلاح وسموا ما يتفق علي روايته البخاري ومسلم متفق عليه وما يرويه بقية الستة بالأربعة
أنس: إذن رواه الأربعة يعني رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والنسائي
الشيخ: أحسنت
أحمد: اشرح لنا الحديث يا شيخنا
الشيخ: قوله في الحديث: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) يعني الفاتحة، وسميت صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها، كقوله - صلى الله عليه وسلم - الحج عرفة، فبين الحديث أن الله عز وجل قد قسم هذه السورة العظيمة بينه وبين عبده نصفين، فهو سبحانه له نصف الحمد والثناء والتمجيد، والعبد له نصف الدعاء والطلب والمسألة، فإن نصفها الأول من قوله سبحانه: {الحمد لله رب العالمين} إلى قوله: {إياك نعبد} تحميد لله تعالى، وتمجيد له، وثناء عليه، وتفويض للأمر إليه، ونصفها الثاني من قوله تعالى: {وإياك نستعين} إلى آخر السورة، سؤال وطلب وتضرع وافتقار إلى الله، ولهذا قال سبحانه بعد قوله {إياك نعبد وإياك نستعين} وهذه بيني وبين عبدي.
سارة: زدنا زادك الله من فضله
الشيخ: يكشف لنا هذا الحديث الصحيح عن سر من أسرار اختيار الله لهذه السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة أو ما شاء الله له أن يرددها، كلما قام اذ ختمت السورة بالدعاء بأهم ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه، فإن حاجة العبد إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم، أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب والنَّفَس، فهو مضطر إلى مقصود هذا الدعاء، ولا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الهداية، قال الإمام ابن تيمية عن دعاء الفاتحة: " وهو أجل مطلوب، وأعظم مسؤول، ولو عرف الداعي قدر هذا السؤال لجعله هجيراه - يعني ديدنه -، وقرنه بأنفاسه، فإنه لم يدع شيئاً من خيري الدنيا والآخرة إلا تضمنه
أحمد: فضل الفاتحة إذن عظيم
الشيخ:هذا الحديث يبين فضل سورة الفاتحة ومنزلتها من الدين، ولذا قال بعض السلف مبينا ما لهذه السورة من شأن عظيم عند الله: " أنزل الله عز وجل مائةً وأربعة كتب، جمع علمها في أربعة وهي: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وجمع علم الأربعة في القرآن، وعلم القرآن في المفصَّل، وعلم المفصَّل في الفاتحة، وعلم الفاتحة في قوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} (الفاتحة 5).
¥