تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَفِي حَدِيث أَبِي بَكْر " وَلَكِنْ اِنْطَلِقُوا إِلَى سَيِّد وَلَد آدَم فَإِنَّهُ أَوَّل مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْض "

أنس: ما المقصد من قوله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهل كان له صلي الله عليه وسلم ذنب

الشيخ: الجواب ما قَاله القاضي عياض حيث قالَ: اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى (لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ) فَقِيلَ: الْمُتَقَدِّم مَا قَبْل النُّبُوَّة وَالْمُتَأَخِّر الْعِصْمَة. وَقِيلَ: مَا وَقَعَ عَنْ سَهْو أَوْ تَأْوِيل. وَقِيلَ: الْمُتَقَدِّم ذَنْب آدَم وَالْمُتَأَخِّرُ ذَنْبُ أُمَّتِهِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ لَوْ وَقَعَ (أي حتي لو أذنب)، وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ.

قال الحافظ قُلْت: وَاللَّائِق بِهَذَا الْمَقَام الْقَوْل الرَّابِع الذي هو (أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ لَوْ وَقَعَ)، وَأَمَّا الثَّالِث فَلَا يَتَأَتَّى هُنَا، وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْل عِيسَى فِي حَقّ نَبِيّنَا هَذَا وَمَنْ قَوْل مُوسَى فِيمَا تَقَدَّمَ " إِنِّي قَتَلْت نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْس وَإِنْ يُغْفَر لِي الْيَوْم حَسْبِي " مَعَ أَنَّ اللَّه قَدْ غَفَرَ لَهُ بِنَصِّ الْقُرْآن، التَّفْرِقَة بَيْن مَنْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْء وَمَنْ لَمْ يَقَع شَيْء أَصْلًا، فَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ وُقُوع الْمَغْفِرَة لَهُ لَمْ يَرْتَفِع إِشْفَاقه مِنْ الْمُؤَاخَذَة بِذَلِكَ وَرَأَى فِي نَفْسه تَقْصِيرًا عَنْ مَقَام الشَّفَاعَة مَعَ وُجُود مَا صَدَرَ مِنْهُ، بِخِلَافِ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كُلّه، وَمِنْ ثَمَّ اِحْتَجَّ عِيسَى بِأَنَّ نبينا هو صَاحِب الشَّفَاعَة لِأَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه وَمَا تَأَخَّرَ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذهُ بِذَنْبٍ لَوْ وَقَعَ مِنْهُ،

قَوْله (فَيَأْتُونِي)

فِي رِوَايَة " إِنِّي لَقَائِمٌ أَنْتَظِر أُمَّتِي تَعْبُر الصِّرَاط إِذْ جَاءَ عِيسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذِهِ الْأَنْبِيَاء قَدْ جَاءَتْك يَسْأَلُونَ لِتَدْعُوَ اللَّه أَنْ يُفَرِّق جَمْع الْأُمَم إِلَى حَيْثُ يَشَاء لِغَمِّ مَا هُمْ فِيهِ " فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة تَعْيِين مَوْقِف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ، وَأَنَّ هَذَا الَّذِي وُصِفَ مِنْ كَلَام أَهْل الْمَوْقِف كُلّه يَقَع عِنْد نَصْب الصِّرَاط بَعْد تَسَاقُط الْكُفَّار فِي النَّار، وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي يُخَاطِب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ الْأَنْبِيَاء جَمِيعًا يَسْأَلُونَهُ فِي ذَلِكَ.

قَوْله (فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي)

قَالَ عِيَاض: أَيْ فِي الشَّفَاعَة. والظَاهِر أَنَّ اِسْتِئْذَانه الْأَوَّل وَالْإِذْن لَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي دُخُول الدَّار وَهِيَ الْجَنَّة،

أنس: يعني أن النبي انتقل من مكانه الذي ذهب إليه فيه عيسي عليه السلام إلي مكان اسمه دار السلام

أحمد:ما الحكمة في ذلك

الشيخ: قِيلَ الْحِكْمَة فِي اِنْتِقَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَانه إِلَى دَار السَّلَام أَنَّ أَرْض الْمَوْقِف لَمَّا كَانَتْ مَقَامَ عَرْض وَحِسَاب كَانَتْ مَكَانَ مَخَافَة وَإِشْفَاق، وَمَقَام الشَّافِع يُنَاسِب أَنْ يَكُون فِي مَكَانِ إِكْرَامٍ، وَمِنْ ثَمَّ يُسْتَحَبّ أَنْ يُتَحَرَّى لِلدُّعَاءِ الْمَكَانُ الشَّرِيفُ لِأَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَقْرَب لِلْإِجَابَةِ.وقد جاء فِي بَعْض طُرُق الحديث أَنَّ مِنْ جُمْلَة سُؤَال أَهْل الْمَوْقِف اِسْتِفْتَاح بَاب الْجَنَّة. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم أَنَّهُ أَوَّل مَنْ يَسْتَفْتِح بَاب الْجَنَّة، وَفِي رِوَايَة عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ أَنَس عِنْد التِّرْمِذِيّ " فَآخُذُ حَلْقَةَ بَاب الْجَنَّة فَأُقَعْقِعُهَا فَيُقَال: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُول: مُحَمَّد، فَيُفْتَحُونَ لِي وَيُرَحِّبُونَ، فَأَخُرُّ سَاجِدًا " وَفِي رِوَايَة ثَابِت عَنْ أَنَس عِنْد مُسْلِم " فَيَقُول الْخَازِن: مَنْ؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير