تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فدعوى الإكراه التي يدعيها القوم: دعوى ساقطة لا مستند لها من جهة الشرع، فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه، ولو صح ذلك لدخلت كل الشعوب التي فتح المسلمون بلادها في دين الإسلام: طوعا أو كرها، وهو أمر يكذبه الواقع، لاسيما في بلاد حكمها المسلمون، ولم يكونوا غالبية عظمى، كالهند، ويوغوسلافيا التي احتفظت بأرثوذكسيتها، تحت الحكم العثماني، ولكنها لم تحفظ الجميل، وتعامل أبناء البلقان المسلمين معاملة الفاتحين من بني عثمان الذين أمنوا أهل البلاد المفتوحة على الدين والنفس والعرض والمال، فلم نسمع عن مجازر وحشية، أو خطط منهجية لهتك الأعراض وإخلاء الأرض من أهلها، كتلك التي أشرفت عليها الكنيسة الصربية الأرثوذكسية المتعصبة، وقريب منها، بل ربما فاقها ما حدث لإخواننا في العراق، والنكتة واحدة: التعصب البغيض الذي يقصي المخالف، ويسعى لاستئصاله، ثم يتمسح في شعارات الوحدة سواء أكانت: إنسانية أم إسلامية، بل يرمي الضحية بالتعصب، فالإسلام بين الملل: دين متعصب وهو الذي أمن الناس على أديانهم وأبدانهم، والنصرانية التي شنت الحملات الصليبية على الشرق المسلم وقتلت من قتلت وهتكت ما هتكت طوال تاريخ الكنيسة الأسود: ديانة تسامح ومحبة!!!!، وأهل السنة بين النحل: متعصبون، تكفيريون وهابيون، مع عظم إنصافهم للمخالف، وتورعهم عن تكفير المعين، وغيرهم: مظلوم مضطهد يعاني الأمرين من استبداد أهل السنة!!!!!!.

ويكذب هذه الدعوى أيضا:

حال المسلمين الآن في مصر، فهم في وضع سياسي واقتصادي ضعيف جدا، فلا يقدرون على إكراه أحد على شيء، فضلا عن ترك دينه، أعز ما ينافح عنه الإنسان، وليس لديهم من المغريات المادية ما لدى الآخرين، فمن يدخل الإسلام في مصر: طريد شريد مهدد في الغالب الأعم، لا مغيث له إلا الله، عز وجل، فإخوانه قد اصطفوا أمام المخابز طمعا في رغيف خبز بـ: "شلن" يأنف كثير من الآدميين من أكله، فصارت همنا: هم البطن والفرج، فتخاذلنا عن مهمة البلاغ والدعوة، وهي التي أخرجنا لأجلها، ومع ذلك: تدخل هذه الأعداد الكبيرة في دين الله، عز وجل، وهذا من أكبر الأدلة على أن هذا الدين حق، وإن شوهه المشوهون، وما عداه باطل وإن زخرفه المزخرفون، فعظمته من ذاته لا من أتباعه، ولو وكل الله، عز وجل، حفظ دينه لأمثالنا، لاندثر كما اندثرت الأديان الأخرى، ولكن الله، عز وجل، تكفل بحفظه، فمن عمل صالحا فلنفسه، ومن أعرض عن نصرة الدين: فسنة الاستبدال لا تحابي أحدا، وفي التنزيل: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)، فدين الله، عز وجل، ظاهر لا محالة بنا أو بغيرنا، فليختر العاقل لنفسه.

ومما يستفاد من هذه الأحداث أيضا:أهمية قيام فئة من أبناء المسلمين بفرض درء الشبهات عن هذا الدين، وهي وإن كانت ركيكة مكررة، إلا أنها كثيرة تحتاج إلى من يفندها، وهذا الفرض من: فروض الكفايات التي تتعين في حق من تصدى له، فلابد أن يوجد في الأمة فئة يقوم بها هذا الأمر، وإلا أثمنا جميعا، فهو من باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأي منكر أعظم من الطعن في دين الإسلام ونبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟!!!!.

والمتتبع لشبههم يجدها، كما تقدم، ركيكة، تقوم، كما يقول أحد الفضلاء عندنا في مصر، على استقطاع نصوص، وافتراض مقدمات عقلية ونتائج باطلة، وكثير منها يرجع ابتداء إلى فساد لسانهم وجهلهم الفاضح بلغة العرب، مع أنهم يدعون دوما الفصاحة وسعة الاطلاع وحفظ القرآن، ولو قرأ أحدهم آية لما أحسن ضبطها، وتجد كثيرا منهم يخطئ في عزو الآيات التي يستدل بها على صحة مذهبه أو يلتمس فيها شبهة يطعن بها على دين الإسلام، فهم مجرد نقلة لزبالة أذهان من سبقهم!!!!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير