تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومما يستفاد من هذه الأحداث أيضا:أهمية رجوع المسلمين إلى دينهم، بتعلم أحكامه العلمية والعملية لئلا تنطلي عليهم هذه الشبهات، فلا يصح في الأذهان أن يتصدى أحد لرد مثل هذه الشبهات ولما يحرر معتقده بعد، ويزكي نفسه بالعلم والعمل، كما هو حال كثير ممن يتصدى لشبهات القوم في الغرف الحوارية، وقد حدثني أحد الإخوة في جناح قناة الأمة عن تجربة لأخ يتصدى لرد أباطيل النصارى في الغرف الحوارية، إذ اتفق يوما مع أفراد المجموعة التي تشارك معه في الرد على الاجتماع وجها لوجه، ولم يحدث بينهم لقاء مباشر من قبل، ففوجئ أنه تقريبا الوحيد الملتزم بالهدي الظاهر، بل فوجئ بأن كثيرا منهم مدخنون، بل فوجئ بأن كثيرا منهم لا يصلي الصلوات المفروضة جماعة!!!!.

وحدثني نفس الأخ عن أحد الدارسين في أكاديمية مقارنة الأديان التابعة للقناة عن أحد الدارسين، اعترض بشدة على المحاضر لما أثبت صفة استواء الله، عز وجل، على عرشه، على الوجه اللائق بجلاله، فأنكر علو الله، عز وجل، بذاته القدسية على خلقه، فهو معهم بعلمه لا بذاته، فلك أن تتخيل منافحا عن دين الإسلام، ينكر علو الله عز وجل؟!!!!!.

فقبل التصدي لشبهات القوم لابد من التجرد والإخلاص أولا، ثم العلم والعمل ثانيا، حتى لا يصير الأمر حظ نفس، تشتهي قهر مناظرها، دون أن يكون لها رغبة في إظهار الحق ودعوة المخالف، والقلوب تقسو بالجدل، وما أكثره في هذه المناظرات، فإن لم يتعاهد المناظر نفسه بالتزكية اللازمة، فإن الضرر يكون أكبر من النفع، فليحرر معتقده وعبادته ويهذب أخلاقه أولا فهو أنفع له في معاشه ومعاده.

ومما يستفاد أيضا:

خطورة الخوض في مسائل لا تدركها عقول كثير من آحاد المسلمين، فقد اتضح من قصص المتنصرين من أبناء المسلمين أن بعض الفتاوى الغريبة التي ظهرت في الآونة الأخيرة من قبيل: جواز رضاع الموظف من زميلته ليجوز له الاختلاء بها!!!!، و: التبرك ببول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكأن الله، عز وجل، قد بعث نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لنتبرك ببوله لا لنتأسى بسنته في: العقائد والشرائع والسياسات والأخلاق، اتضح أن مثل هذه الفتاوى التي تثير مسائل علمية لا تدركها عقول عموم المسلمين، كانت غنيمة باردة لدعاة التنصير الذين طاروا بها فرحا وراحوا يروجونها في أوساط الشباب الذي لا يعرف شيئا عن دينه، على أنها من دين الإسلام، فكان ما كان، وليتهم عرضوا هذه المسائل العلمية، مع دقتها، وندرة احتياج المسلمين إليها في أمر دينهم أو دنياهم، عرضا علميا سليما، فمن منا يحتاج إلى الرضاع من زميلته في العمل، ومن منا يحتاج إلى شرب بول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليتبرك أو يستشفي به، وأين هو أصلا؟!!!!، فهي مسائل لا ينبني عليها عمل، بل مفسدة تناولها بهذه الطريقة الاستعراضية أضعاف المصلحة التي تتحقق منه، إن كان في تناولها في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها الأمة مصلحة أصلا، فكان الأحرى بهم أن يتكلموا عن أحوال المسلمين وقضاياهم في: العراق وبيت المقدس والصومال والشيشان ............. إلخ، أو يتكلموا في مسائل تعود بالنفع على المكلفين في معاشهم ومعادهم، بدلا من إلهاء الناس بغرائب الأقوال، وصدق علي، رضي الله عنه، إذ يقول: (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟)، وصدق ابن مسعود، رضي لله عنه، إذ يقول: (مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ)، وعن معاوية، رضي الله عنه، مرفوعا: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُلُوطَاتِ)، قِيلَ - بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَاحِدُهَا غَلُوطَةٌ - وَهِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي يُغَالَطُ بِهَا، وَقِيلَ: بِضَمِّهَا، وَأَصْلُهَا الْأُغْلُوطَاتُ، وذكر صاحب "الكوكب المنير" عن ابْنُ عَقِيلٍ رحمه الله: أَنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاءُ عِلْمٍ لَا يَحْتَمِلُهُ السَّامِعُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَفْتِنَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي إلْقَاءُ عِلْمٍ لَا يَحْتَمِلُهُ السَّامِعُ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير